الصناعات الكيميائية تبدأ التحول إلى مسارات الإنتاج المستدامة والمرنة في 2023 (تقرير)

0

في 3 يناير/كانون الثاني الجاري (2023)، أصدرت شركة ديلويت للخدمات والاستشارات المالية العالمية تقرير توقعات قطاع الصناعات الكيميائية لعام 2023، مشيرة إلى أن الاضطرابات التي شهدها العام المنصرم (2022) ساعدت الصناعة بقيادة التحول المقبل في الإنتاج والتوريد.

وتطرّق التقرير إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل أسعار الطاقة المتقلبة، وارتفاع التكاليف، وانهيار أنماط التداول، التي تشير إلى حالة ضبابية في الاقتصاد العالمي، وأشار إلى أن الشركات تخطط للتغلب على الظروف الصعبة المحتملة، وتستعد لصنع مستقبل مشرق طويل الأجل.

وأفادت توقعات شركة ديلويت بأنه من المرجح أن تخطط شركات الكيماويات لمواجهة التحديات، ابتداءً بالتضخم العالمي إلى تقلّب أسعار النفط في العام المقبل، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

حالة الصناعة

نظرًا لأن الصناعة الكيميائية في الولايات المتحدة تتكيف مع التطورات من خلال تعديل المحافظ، وإعادة تجهيز سلاسل التوريد، وتطوير ابتكار المواد، فإن عام 2023 سيمهد الطريق لإعادة التوازن من حيث تحويل المواد.

تكمن أهمية إعادة التوازن هذه في متطلبات العملاء المتغيرة، التي تشمل المنتجات المبيعة، وترتبط بمسارات وخيارات المواد الأولية. ويُعدّ هذا التحول جوهريًا لتلبية الضرورات الواضحة للاقتصاد الدائري وإزالة الكربون والاستدامة، بحسب ما نشر موقع شركة ديلويت (Deloitte).

على صعيد آخر، أظهر الاضطراب الذي حدث في الأشهر الـ18 الماضية الحاجة إلى توطين سلاسل التوريد والتوازن بين الكفاءة والمرونة.

وقد يمثّل المسار المستقبلي، في العام المقبل، بداية التحول من الإنتاج الموسع والعالمي والفاعل إلى مسارات الإنتاج المستدامة والمرنة والمتزايدة الإقليمية.

وأوضحت توقعات شركة ديلويت أنه لكي يحقق العالم انخفاضًا ملحوظًا في تداعيات تغير المناخ، من المرجح أن يستمر منتجو المواد الكيميائية على مستوى العالم في أداء دور حاسم، إذ إن المنتجات والمواد الكيميائية والمواد تمثّل ركائز الاقتصاد العالمي اليوم.

وأضافت أن هذه التغييرات لا يمكن أن تحدث على الفور، ولكن القرارات التي تُتَّخَذ اليوم قد تكون محورية، ومن المحتمل أن تمهد الطريق للتحول القادم بصناعة الكيماويات في الولايات المتحدة.

الظروف المؤثرة في التحول الكيميائي

غُيِّرَ المسار الذي تتخذه شركات الكيماويات الأميركية بشكل كبير في عام 2022، مع تقلُّب أسعار الطاقة، والسياسة الحكومية الجديدة، والضبابية الاقتصادية، وتعطّل سلسلة التوريد، والتوترات الجيوسياسية التي تعلم المسؤولين التنفيذيين اتخاذ القرار يوميًا.

وسيحتاج المسؤولون التنفيذيون في الصناعة الكيميائية، عام 2023، إلى إيجاد التوازن بين التغلب على هذه التحديات الآنيّة وتحديد المواقع لتحقيق نمو طويل الأجل في ظل الابتكار التقني، ورغبات العملاء ومرونة سلسلة التوريد.

وقد قامت العديد من شركات الكيماويات الأميركية برعاية "صندوق طوارئ" مناسب لهذه الأوقات المضطربة.

ويمكن لتلك الشركات توظيف موازناتها القوية للاستفادة من فرص النمو المستقبلية والضبابية الاقتصادية والاضطراب الحالي، بحسب ما نشر موقع شركة ديلويت (Deloitte).

وحققت الشركات الكيميائية في الولايات المتحدة أداءً جيدًا السنوات الأخيرة، في ظل المواد الأولية المميزة والطلب القوي، ما عزز الموازنات العامة. وسجلت هذه الشركات أرباحًا جيدة، وتدفقًا نقديًا صحيًا، وقامت باستثمارات رأسمالية متوازنة ومنضبطة.

أحد مراكز الصناعات الكيميائية في أميركا
أحد مراكز الصناعات الكيميائية في أميركا - الصورة من mrchub

في المقابل، يمكن لمنتجي المواد الكيميائية أن يؤدّوا دورًا حاسمًا في معالجة تغير المناخ بشكل ملموس، إذ توجد المنتجات والمواد الكيميائية في شتى مجالات الحياة المعاصرة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأشارت توقعات قطاع الصناعات الكيميائية لعام 2023، الصادرة عن شركة ديلويت للخدمات والاستشارات المالية العالمية، إلى حاجة قوية لإجراء تغييرات أساسية، سواء بشكل استباقي أو تفاعلي، من أجل أن يعمل منتجو المواد الكيميائية في مشهد جيوسياسي عالمي متطور.

وأضافت أن بعض الشركات التي تتمتع بقوة موازنتها العامة قد تشهد صفقات انتهازية، وأن بيئة الاندماج والاستحواذ تتحول من الأصول المادية والتجارية إلى مناطق نمو جديدة باستعمال تقنيات وخدمات مستدامة.

وبيّنت أن أداء سلسلة التوريد حقّق أهمية جديدة، إذ تعمل الشركات على إعادة تصميم المستقبل بأسلوب يتّسم بالرشاقة والأمان والمرونة والكفاءة.

علاوة على ذلك، يُنظر إلى التكنولوجيا الرقمية على أنها تخصُّص إستراتيجي يمكن أن يخلق قيمة من خلال التعامل مع التقنيات الناشئة بصفة محفظة معدلة حسب المخاطر.

ويمكن أن يؤدي هذا النهج إلى مزيد من التحسينات في سلسلة القيمة وتمكين صناعة كيميائية أكثر استدامة.

وقد أظهرت صناعة الكيماويات في الولايات المتحدة أداء ماليًا قويًا، ووصل إلى مستوى شوهد آخر مرة منذ أكثر من عقدين، ويعكس هذا الأداء نتيجة أسواق السلع القوية والطلب المرتفع.

باستثناء عام 2020، شكّل هذان العاملان عمومًا بيئة تسعير مناسب، ما سمح للصناعة بتعويض تآكل الهامش الإجمالي تقريبًا الذي حدث حتى عام 2015، ويبلغ نحو 700 نقطة أساس.

مؤشرات الاقتصاد الكلي

استعرضت توقعات قطاع الصناعات الكيميائية لعام 2023، الصادرة عن شركة ديلويت للخدمات والاستشارات الماليّة العالمية، مؤشرات الاقتصاد الكلي، وأوضحت أن العديد من تلك المؤشرات يعكس حالة ضبابية على الصعيد العالمي.

1- التضخم العالمي

على الصعيد العالمي، كان التضخم مصدر قلق كبير؛ ما أدى إلى سياسات البنك المركزي الصارمة لرفع أسعار الفائدة، على سبيل المثال، رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بأكثر من 300 نقطة أساس للسيطرة على التضخم، وتتخذ البنوك المركزية الأخرى إجراءات مماثلة.

وبالنظر إلى الطبيعة العالمية للصناعة، قد يكون لنقاط الضعف في الأسواق الرئيسة -مثل الصين- تأثير كبير، بسبب اعتماد الصناعة على تلك الأسواق والطبيعة التبادلية للتجارة.

2- استمرار ضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي

من الممكن تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين، وكان الربع الثاني من عام 2021 بالقرب من 1.5%، ولكن انخفض الربع الثاني من عام 2022 إلى ما بين ناقص 2.5% و ناقص 3%، ويعود ذلك أساسًا إلى نهج مكافحة جائحة كورونا وعمليات الإغلاق.

هذه التطورات لها تأثير مضاعف على الطلب، لا سيما مع ارتفاع أسعار المواد الكيميائية الاستهلاكية في الولايات المتحدة بما يتماشى مع التضخم.

على سبيل المثال، بحسب مكتب إحصاءات العمل ومجلس الكيمياء الأميركي، يبلغ مؤشر أسعار الكيماويات حاليًا 101.7 مقارنة بـ 119.5 في عام 2020.

3- تراجع ثقة المستهلك

انخفض مؤشر ثقة المستهلك في الاتحاد الأوروبي من مستوى ما قبل الوباء من 104 إلى 97 في النصف الثاني من عام 2022، وفقًا لتوقعات قطاع الصناعات الكيميائية لعام 2023، الصادرة عن شركة ديلويت للخدمات والاستشارات المالية العالمية

وذكر العديد من المنتجين المقيمين في أوروبا، لدى إعلان نتائج أرباحهم للربع الثاني، أنهم يتوقعون مزيدًا من التراجع في السوق.

في مناطق أخرى، يشهد طلب السوق النهائي تراجعًا، على سبيل المثال، انخفضت المبيعات في صناعة السيارات الأميركية من 18.8 مليون في أبريل/نيسان 2021 إلى 13.8 مليون في يوليو/تموز 2022، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مشكلات سلسلة التوريد مثل نقص الرقائق.

وبالنظر ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، من المتوقع أن يتباطأ إنفاق المستهلكين.

4- تقلّب أسعار النفط

دفع الغزو الروسي لأوكرانيا أسعار النفط إلى مستويات عالية جديدة، وبلغ متوسط سعر برنت 107 دولارات للبرميل في النصف الأول من عام 2022، وهو أعلى بكثير من متوسط 65 دولارًا للبرميل لمدة العام السابق؛ ما أثّر في البيانات المالية للعديد من منتجي الكيماويات العالميين.

وعلى الرغم من أن أسعار النفط قد تراجعت إلى حدّ ما في الربع الثالث من عام 2022؛ بسبب انخفاض الطلب والمخاوف الاقتصادية، فإن تأثير تقلّب الأسعار هذا سيظل ملموسًا.

5- ضيق أسواق الغاز العالمية

في النصف الأول من عام 2022، بلغ متوسط الأسعار الفورية لدى منصة تداول عقود الغاز الهولندية (تي.تي.إف)، المركز الرئيس لتجارة الغاز في أوروبا، 99 يورو/ميغاواط/ساعة، هذا بالمقارنة مع 22 يورو/ميغاواط/ساعة في العام السابق.

أحد مراكز الصناعات الكيميائية في أميركا
أحد مراكز الصناعات الكيميائية في أميركا - الصورة من nist.gov

وبسبب تراجع كميات الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم إلى نسبة 20%، خلال معظم فصل الصيف، وانخفاضها إلى الصفر في الخريف، ظلت الأسعار مرتفعة.

في الولايات المتحدة، تضاعف متوسط أسعار الغاز الطبيعي في مركز هنري هاب تقريبًا في النصف الأول من عام 2022 مقارنة بالعام السابق.

وارتفع متوسط الأسعار من 3.40 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في النصف الأول من عام 2021 إلى 6.41 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في النصف الأول من عام 2022.

في أغسطس/آب، اقتربت أسعار مركز هنري لتوزيع نظام الأنابيب "هنري هاب" من 10 دولارات/مليون وحدة حرارية بريطانية لأول مرة منذ سنوات.

وكان المعيار الفوري للغاز الطبيعي المسال لشمال آسيا، المؤشر الياباني الكوري، 52 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في يوليو/تموز 2022، أي أكثر من 3 أضعاف المستوى في يوليو 2021.

6- التأثير في ديناميكيات المواد الخام

نظرًا لمحدودية عرض تحالف أوبك+ (الذي يضم 23 دولة مصدّرة للنفط، تجتمع بانتظام)، فإن اقتصادات مبيعات النفط الخام الروسي المخفض للمشترين الآسيويين يمكن أن تشكّل اقتصادات الأوليفينات المستندة إلى النافثا.

ولم يتغير هذا الوضع بالكامل حتى الآن في الموازين التجارية بتدفق البوليمرات على مستوى العالم.

تجدر الإشارة إلى أن نقطتين مهمتين للنصف الثاني من عام 2022 ستحددان أسعار المواد الأولية في عام 2023، وهما حالة إمدادات الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي خلال فصل الشتاء، وقدرة أوبك+ على توسيع العرض.

ويمكن لأيٍّ من هذين العاملَين أن يغيّر اقتصاديات المواد الأولية بشكل كبير؛ ما يتسبب في تأثير مضاعف من خلال سلسلة القيمة الكيميائية.

7- تغير المناخ

كان التأثير المتزايد لتغير المناخ والاستجابة التنظيمية واضحًا للغاية في عام 2022، على سبيل المثال، أدى ارتفاع حرارة الصيف والجفاف في أوروبا والولايات المتحدة والصين، فضلًا عن الفيضانات الغزيرة في العديد من البلدان، إلى اضطراب اقتصادي كبير.

وأثّرت هذه الأحداث في الصناعة، إذ أُغلِقَت العمليات الصناعية في سيتشوان بالصين، وخفّضَ العديد من الممرات المائية الأوروبية أنشطة الشحن بشكل كبير، حيث يفاقم تأثير أحوال الطقس القاسية حالة سلاسل التوريد الهشة.

اقرأ أيضًا..

إقرأ: الصناعات الكيميائية تبدأ التحول إلى مسارات الإنتاج المستدامة والمرنة في 2023 (تقرير) على منصة الطاقة

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top