تواجه سفن الدعم البحري نقصًا مصحوبًا بمحدودية قدرة إنتاج أحواض بناء السفن وتحديات سلاسل التوريد في ظل تراجع تمويل صناعة القِطَع الجديدة، وسط انتعاش عمليات الحفر البحرية للتنقيب عن النفط والغاز في جنوب شرق آسيا.
ويمكن أن يتفاقم النقص في سفن إمداد المنصات بسبب الطفرة الوشيكة في عمليات الحفر البحرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ؛ لأن المناطق الأخرى تسحب السفن المطلوبة لدعم خططها، وفقًا لما نشره موقع ريفيرا ماريتايم ميديا (Riviera Maritime Media).
وتمثل البرازيل إحدى هذه المناطق؛ حيث تحتاج شركة بتروبراس إلى ما مجموعه 50 سفينة دعم بحري؛ حيث تشرع في برنامج بحري كبير، بحسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
الحفر وسفن الدعم البحري
تساءل رئيس خدمات الطاقة البحرية لدى مجموعة ويستوود غلوبال إنرجي غروب، توم باين: "عما إذا كانت سفن الدعم البحري الـ50 كافية لتوفير كل تلك الخدمات".
جاء ذلك في حديث توم باين خلال انعقاد مؤتمر الدعم البحري الآسيوي برعاية شركة ريفيرا ماريتايم ميديا البريطانية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في سنغافورة.
وكان باين يشير تحديدًا إلى الزيادة في عمليات الحفر، علاوة على النشاط الإضافي في سورينام وغايانا الذي يضغط على أسطول سفن الدعم البحري المتاح في أميركا الجنوبية؛ حيث تخرج السفن القديمة من السوق، بالتزامن مع انتعاش الطلب.
من ناحيتها، أبلغت الوسيطة البحرية لدى مجموعة "إم 3 مارين غروب" السنغافورية، ميلي فيرما، المندوبين في مؤتمر الدعم البحري الآسيوي، باقتناص عدد غير معروف من سفن الدعم البحري اللازمة لإمداد المنصات لتحويلها لمدّ الأسلاك وخدمة المزارع السمكية والعمل بوصفها مراكب ترفيهية.
وأكدت أن ذلك يزيد الضغط على توريد هذه الأصول ويفاقم مشكلة النقص في الأحواض المتاحة للسفن المحتملة المصنوعة حديثًا.
تأكيدًا لوجهة نظرها، قالت ميلي فيرما: إن شركة البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية (كيتروسدين ترياسميترا) تعاقدت مع شركة بناء السفن باكس أوسن نانيندا موتيارا في إندونيسيا، أواخر عام 2022، لتحويل عمل سفينة إمداد المنصات إلى مدّ الكابلات.
السفينة المعنية هي سكاندي سوترا المصنوعة عام 2003، التي سارعت شركة دي أو إف المدرجة في أوسلو إلى شرائها مقابل نحو 3.5 مليون دولار أميركي.
وأوضحت فيرما أن ما يفاقم المشكلة هو أن بعض أحواض بناء السفن تعاني نقصًا في القوى العاملة؛ لأنها تكافح لتلبية الطلبات الضخمة والمنافسة على توظيف العمالة الماهرة.
علاقة أسعار النفط
في أوائل عام 2023، على سبيل المثال، خففت سيول متطلبات التأشيرة لعمال أحواض بناء السفن الأجانب للسماح لشركة بناء السفن "سامسونغ للصناعات الثقيلة" الكورية الجنوبية بتوظيف 41 عامل لحام إندونيسيًا.
وأشارت فيرما إلى أن مالكي سفن المحتملين يواجهون تعقيدات عملية اتخاذ قرار عندما يتعلق الأمر بالسفن الجديدة.
وبيَّنتْ أن ثروات قطاع سفن الدعم البحري ترتفع بارتفاع سعر النفط، الذي يستقر من ارتفاعات مدعومة بشكل مصطنع، ويظل مرتفعًا بما يكفي لتعزيز الاستثمار في الأنشطة البحرية.
وأوضح باين أن هناك انفصالًا بين السوق الفعلية والأخرى المضطربة بسبب سقوف الأسعار: "يجب ألا يكون سعر النفط عند 100 دولار أميركي."
وقال: إن هيكل الأسعار يجب أن يكون أكثر تماشيًا مع النطاق من 70 دولارًا أميركيًا إلى 80 دولارًا أميركيًا، مشيرًا إلى أنه بينما يتزايد إنتاج النفط الصخري؛ فإنه لا يتوقع أن يصل إلى مستويات ما قبل الوباء في أي وقت قريب.
سفن حديثة الصنع
اتفق المتحدثون في مؤتمر الدعم البحري الآسيوي برعاية شركة ريفيرا ماريتايم ميديا البريطانية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في سنغافورة، على الحاجة إلى المزيد من السفن حديثة الصنع.
وتشمل المشكلاتُ المهيمنة على تصنيع سفن دعم المنصات وإمدادها نوعَ المحرك، على سبيل المثال، سواء كان يعمل بالوقود الهجين بدعم كهربائي.
عندما يكون الوقود هجينًا؛ فإن اختيار الوقود البديل أمر بالغ الأهمية ويجب أن يأخذ في الاعتبار مدى كفاية البنية التحتية الداعمة وتوافر الإمداد لهذا الوقود في منطقة العمليات المقصودة للسفينة. لدى أخذ الطاقة الكهربائية في الاعتبار، توجد مجموعة واسعة من البطاريات وأنظمة إدارة الطاقة المتاحة التي تزيد من التعقيدات.
لذلك تظهر قضية لا يُستهان بها تتعلق بمكان بناء السفينة وسط نقص في الأحواض.
وأوضحت السيدة فيرما: "يوجد عرض محدود للغاية لأحواض بناء السفن؛ لأن الكثير منها، خصوصًا تلك الموجودة في شرق آسيا، مشغولة بإنتاج خطوط الشحن الرئيسة".
وأشارت إلى أن سلاسل توريد المعدات الأساسية أصبحت بطيئة ومكلفة؛ ما أدى إلى مُدد تأخير مطوّلة.
وأضافت أن المقرِضين يطلبون غالبًا خطة لخفض انبعاثات الكربون والالتزام بمختلف المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة".
تغيير قواعد اللعبة
في عام 2023، ستشهد الصناعة التجارب الأولى لأجهزة شحن سفن الدعم البحري بالكهرباء، وستُختَبر خلايا وقود الهيدروجين الأولى على السفن، وفقًا لما نشره موقع ريفيرا ماريتايم ميديا (Riviera Maritime Media).
في إشارة إلى الأمور المقبلة، في مؤتمر ريفيرا ماريتايم ميديا السنوي لخلايا الوقود الهجينة والكهربائية والهيدروجينية، في العام الماضي، في النرويج، قال مدير مجموعة إكوينور للعمليات البحرية، مورتن سوندت، إن المجموعة تبحث عن مالكين لتزويد سفن إمداد المنصات بمحركات محايدة كربونيًا.
وتوقع أن تبدأ بالتعديلات التحديثية، عند بناء سفن الدعم البحري الجديدة في الوقت المناسب، وظهور الجيل التالي من سفن إمداد المنصات التي تعمل بالأمونيا، وسيعمل بعضها بتشغيل البطاريات وخلايا الوقود على متنها.
النفقات الرأسمالية العالمية
يُظهر البحث، الذي أجرته شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، أنه يمكن أن ترتفع النفقات الرأسمالية العالمية للاستثمار في الحقول الجديدة المرخَّصة إلى أكثر من 120 مليار دولار أميركي إذا اتُّخِذَت جميع قرارات الاستثمار النهائية المتوقعة في عام 2023، يأتي ذلك مقارنة بنحو 50 مليار دولار أميركي في عام 2022.
ويُنظر إلى جنوب شرق آسيا على أنها من بين المناطق الأكثر استفادة؛ حيث تؤدي موجة النشاط البحري هذه إلى زيادة الطلب على منصات الحفر وسفن الدعم البحري.
وقال المدير الإقليمي لشركة استثمارات السوق إكم إس آي البريطانية، جيه جيه وانغ: "إن السعر اليومي لتأجير سفينة إمداد المنصات "سفن الدعم البحري"، في أواخر العام الماضي (2022)، كان 12 ألف دولار أميركي، ارتفاعًا من 7 آلاف دولار أميركي في عام 2021".
وأضاف: "تعتقد شركة إم إس آي أنه، في العام المقبل، سيصل السعر بسهولة إلى 17 ألف دولار أميركي وربما 18 ألف دولار أميركي، ويمكن أن يصل سعر تأجير سفن إمداد المنصات إلى 20 ألف دولار أميركي".
اقرأ أيضًا..
- الإمارات وقطر: الغاز الطبيعي سيظل أولوية.. والعالم يحتاج إلى استثمارات
- هل تتجاوز أسعار النفط حاجز الـ100 دولار في 2023؟ أنس الحجي يجيب
- مسؤول عراقي: خط النفط بين البصرة والعقبة سيرى النور قريبًا
إقرأ: نقص سفن الدعم البحري يعطل انتعاش تجارة النفط والغاز بجنوب شرق آسيا (تقرير) على منصة الطاقة