دفاع العرب Defense Arabia
سامي اورفلي
في عالم يشهد تطورًا تكنولوجيًا متسارعًا وتنافسًا شرسًا في مجال الصناعات الدفاعية، تبرز الدبابات كإحدى أكثر الأسلحة الأرضية تطورًا وتعقيدًا. ومع تزايد التهديدات الأمنية وتنوعها، تسعى الدول إلى تحديث أساطيلها المدرعة بدبابات تتمتع بقدرات قتالية متقدمة، قادرة على التعامل مع التحديات الحديثة في ساحات القتال.
في هذا السياق، شهد معرض IDEX 2025 في أبوظبي، الذي يُعد أحد أكبر الفعاليات الدفاعية العالمية، منافسة قوية بين ثلاث دبابات متطورة: T-90MS الروسية، و Leclerc XLR الفرنسية، و K2ME الكورية الجنوبية.
تمثل كل من هذه الدبابات قمة التطور التكنولوجي، حيث تم تصميمها لتلبية متطلبات الأسواق الدولية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد طلبًا متزايدًا على أنظمة الدفاع المتطورة. وتتنافس هذه الدبابات في مجالات عدة منها القوة النارية، والحماية، والحركية، والتكامل مع أنظمة الاتصالات الحديثة، مما يجعلها خيارات استراتيجية للدول التي تسعى إلى تعزيز قدراتها العسكرية.
T-90MS الروسية: قوة نيران وحماية متطورة
حظيت النسخة الأحدث من الدبابة الروسية T-90MS باهتمام كبير بسبب طريقة عرضها داخل قاعة المعرض، ولتصميمها المخصص للتصدير للأسواق الخارجية، وهي تمتاز بتحسينات ملحوظة في القوة والحركية وأنظمة الحماية. وقد جذبت اهتمام دول من إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، مما يعكس رغبتها في تحديث أساطيلها المدرعة بتقنيات قتالية متطورة.
تمثل دبابة T-90 الروسية من الجيل الثالث تطوراً ملحوظاً مقارنةً بنماذج الدبابات السوفييتية السابقة. النسخة المصدرة من هذه السلسلة، الـ T-90M، مزودة بمدفع محسن يتمتع بمدى أكبر، ويستطيع إطلاق ذخائر HE و HE-FRAG و APFSDS باستخدام ذخيرة من عيار 125 مم. كما يمكن للمدفع إطلاق صاروخ موجه مضاد للدبابات 9M119 Refleks، الذي يُستخدم لمهاجمة الدبابات المزودة بدرع تفاعلي متفجر (ERA) وأهداف جوية منخفضة كالمروحيات، بمسافة تصل إلى 5 كم.
وبحسب ممثلي الشركة في المعرض، فإن الدبابة مزودة بنظام Shtora-1 الذي يتضمن نظام ليزر تحذيري، وموزعات دخان تلقائية، ومشوشات بالأشعة تحت الحمراء.
من الواضح أن بعض الدول تميل نحو الأنظمة التي أثبتت فعاليتها في ساحات القتال، مثل T-90MS، والتي تتمتع بسجل حافل في النزاعات الحديثة. هذه الدبابات توفر موثوقية عالية وتكلفة تشغيلية أقل نسبيًا، نظرًا لبساطة تصميمها واعتمادها على مكونات ميكانيكية أقل تعقيدًا، مما يجعلها خيارًا جذابًا للدول التي تبحث عن حلول دفاعية فعالة من دون تكاليف باهظة.
لا توجد حتى الآن معلومات رسمية عن مفاوضات بين الإمارات أو السعودية أو روسيا بشأن هذه الدبابة، ولكن مع استمرار الحاجة إلى تحديث الأسطول المدرع، قد يكون الخيار الروسي مطروحًا ضمن البدائل الاستراتيجية حيث أثبتت النسخ السابقة من دبابة T-90 قدرتها على الأداء بكفاءة في ظروف مماثلة لمنطقة الخليج، كما أن قدرتها على تحمل الرمال والغبار تمنحها ميزة في العمليات البرية داخل الصحراء.
Leclerc XLR الفرنسية: ترقية شاملة لقدرات الدبابة
عرضت شركة KNDS France النسخة المطورة من دبابة Leclerc، المعروفة باسم Leclerc XLR، للمرة الأولى في الشرق الأوسط خلال IDEX 2025. تتميز Leclerc XLR بتقنيات متطورة في ساحة المعركة، وذلك في إطار برنامج التحديث SCORPION التابع للجيش الفرنسي.
احتفظت الدبابة بمدفعها من عيار 120 ملم القوي، مع إدخال قدرات إطلاق ذخائر برمجية من الجيل القادم، مما يزيد من فعاليتها ضد الأهداف المتعددة، بما في ذلك الدروع الثقيلة والمواقع المحصنة. وتم دمج نظام تحكم ناري متقدم يؤمن دقة عالية في إطلاق النار أثناء الحركة، كما زُوّدت بمدفع رشاش يتم التحكم به عن بُعد لتعزيز حماية الطاقم.
وعُززت قدرات Leclerc XLR الدفاعية عبر تركيب دروع معيارية، وحزم حماية ضد الصواريخ المضادة للدبابات، ونظام Galix للدفاع القريب، مما يزيد من مقاومتها للتهديدات المختلفة.
تعمل الدبابة بمحرك ديزل بقوة 1,500 حصان، مما يمكّنها من الوصول إلى سرعة 72 كم/ الساعة بفضل نظام تعليق متطور يُحسّن من قدرتها على المناورة في البيئات الصحراوية والوعرة. كما تمّ دمج نظام الاتصال الرقمي المتكامل بها ضمن شبكة SCORPION باستخدام تقنيات من Thales وAtos، مما يمكّن القادة من تبادل المعلومات الفورية وتعزيز الوعي الميداني في الوقت الحقيقي.
بناءً على التجارب السابقة، يبدو أن لـ Leclerc XLR فرصة كبيرة للفوز بعقود في منطقة الخليج، خاصة مع العلاقات القوية بين فرنسا ودول المنطقة.
وبحسب المحلل العسكري والاستراتيجي العقيد ظافر مراد فإنه بالنظر إلى التهديدات الإقليمية، واحتياجات التحديث في الصناعة الدفاعية فمن المرجح أن تفضل الدول الخليجية دبابة Leclerc XLR على الدّبابات الأخرى المنافسة لها بسبب التوافق التقني مع أسطولها الحالي، واهتمامها بالتحالفات الأوروبية، واستراتيجية التعاون الصناعي مع فرنسا، ولإمكانية التعاون التقني.
K2ME الكورية الجنوبية: وحش الصحراء بتقنيات متطورة
كشفت كوريا الجنوبية النقاب عن دبابة K2ME، وهي نسخة مُعدلة من دبابة K2 بلاك بانثر المتطورة، خلال المعرض. وقد صُممت هذه النسخة خصيصًا لتلبية متطلبات منطقة الشرق الأوسط وللعمل في البيئات الصحراوية الحارة، حيث زُوّدت بأنظمة تبريد مُحسّنة تضمن أداءً مستمرًا في درجات الحرارة المرتفعة.
يتألف طاقم الدبابة من 3 أفراد، وهي مُزوّدة بمحرك ديزل قوي من شركة HD Hyundai Infracore بقوة 1500 حصان، مُقترن بناقل حركة أوتوماتيكي. تصل السرعة القصوى للدبابة إلى 68 كم/ الساعة على الطرق المعبدة. كما تتضمن الدبابة نظام In-Arm المحلي الذي يُحسّن من حركتها وقدرتها على التعامل مع التضاريس الوعرة بكفاءة عالية.
عُزّز مستوى حماية الدبابة K2ME بفضل تركيب دروع مركبة متطورة تُغطي الهيكل والبرج، كما زُوّدت بنظام KAZ وآلية للتشويش على الطائرات بدون طيار.
تضم الدبابة أنظمة نارية متطورة تتمثل في مدفع من عيار 120 ملم L/55 مزود بنظام تحميل أوتوماتيكي، مع ترسانة متنوعة تضم 40 ذخيرة تشمل الذخائر القابلة للبرمجة. ولتعزيز قدراتها الدفاعية، أُضيفت إليها تجهيزات دفاعية نشطة تعتمد على الرادار لتحييد التهديدات مثل الصواريخ المضادة للدبابات. وزُوّد البرج الدوار بمدفع آلي عن بُعد من عيار 12.7 ملم وماكينة رشاشة مزدوجة عيار 7.62 ملم.
تظهر كوريا الجنوبية رغبة قوية في التعاون بشأن الإنتاج المحلي ونقل التكنولوجيا، مما يعد بمثابة جانب جذاب للمشترين في الشرق الأوسط الذين يسعون لتعزيز صناعاتهم الدفاعية المحلية. أوضح ممثلو شركة هيونداي روتم لفريق “دفاع العرب” أن دمج وحدة الطاقة الكورية في الدبابة K2ME يُزيل مخاطر القيود التصديرية السابقة ويُحسّن من قدرات الصيانة، حيث أثبت هذا المحرك كفاءته سابقًا عند تركيبه على الدبابة التركية ألتاي.
اختيار الدبابة الأمثل: بين الخبرة القتالية والتقنيات الحديثة
في ظل التنافس المتزايد بين الشركات المصنعة للدبابات، يظل القرار النهائي لشراء أي منظومة قتالية معتمدًا على عدة عوامل حاسمة، أبرزها الأداء الميداني، والتكلفة التشغيلية، ومدى التكامل مع الأنظمة العسكرية القائمة، فضلًا عن تأثير العلاقات السياسية والاستراتيجية بين الدول.
يشير العقيد مراد الى أنه بالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط، يمثل معرض IDEX 2025 فرصة مهمة لاستكشاف أحدث التقنيات المتاحة، ومقارنة الخيارات بناءً على احتياجاتها العملياتية والتحديات التي تواجهها في بيئاتها القتالية الفريدة. فبينما تمتلك T-90MS الروسية سجلًا قتاليًا مثبتًا وكفاءة تشغيلية بتكلفة أقل، تأتي Leclerc XLR الفرنسية بخيارات تحديث متقدمة تتناسب مع الأسطول الإماراتي الحالي، في حين تقدم K2ME الكورية الجنوبية حلولًا تقنية حديثة مع فرص للتصنيع المحلي.
ويضيف مراد أن العلاقات السياسية والعسكرية تبقى عاملاً مؤثرًا في حسم العقود الدفاعية، إذ تلعب الشراكات الاستراتيجية بين دول الخليج والدول المصنعة دورًا في تحديد الأفضلية.
The post دبابات المستقبل تتنافس في معرض “آيدكس”: T-90MS و Leclerc XLR و K2ME في مواجهة حاسمة appeared first on Defense Arabia.