دفاع العرب Defense Arabia
خاص – دفاع العرب
في سياق التوازنات العسكرية الحديثة والتقدم التكنولوجي العالمي، تبرز أهمية المقارنة بين الطائرات المقاتلة الصينية ونظيراتها الأوروبية المتقدمة. لا تقتصر هذه المقارنة على الأرقام والمواصفات الظاهرية، بل تمتد لتشمل تحليلاً هندسياً عميقاً للأداء القتالي والتكامل العملياتي، مع التركيز بشكل خاص على المقاتلات الفرنسية “رافال” و”ميراج 2000-5″.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل تقني معمّق ودقيق، يستند إلى مقارنات واقعية وتحليل هندسي مفصل، لتوضيح الأسباب التقنية والعملياتية التي تجعل المقاتلات الأوروبية تتفوق نوعياً على الطائرات الصينية، رغم التقدم العددي الظاهري للصين في هذا المجال.
نظرة تفصيلية على الطائرات المقاتلة الصينية
تُعد الطائرات المقاتلة الصينية، وخاصة نماذج J-10C و J-20 و FC-31، جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية تحديث القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي (PLAAF) وتوسيع نفوذ الصين العسكري.
تشينغدو J-10C
تُصنف طائرة Chengdu J-10C، المعروفة أيضاً باسم “التنين النشيط” (Vigorous Dragon)، كمقاتلة متعددة المهام من الجيل 4.5. تتميز بتكوين جناح دلتا مع أسطح كانارد أمامية، مما يمنحها قدرة عالية على المناورة والتحكم في الاشتباكات الجوية القريبة.
- أنظمة الدفع: تُشغل الطائرة بمحرك توربوفان محلي الصنع من طراز WS-10B، والذي يوفر قوة دفع تصل إلى 144 كيلونيوتن (حوالي 32,000 رطل قوة) مع استخدام الحارق اللاحق. يسمح هذا المحرك للطائرة بالوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 1.8 ماخ والتحليق حتى سقف خدمة يبلغ 18,000 متر. تبلغ نسبة الدفع إلى الوزن للطائرة J-10C حوالي 1.04. وقد شهد محرك WS-10B تحسينات في الموثوقية وعمر الخدمة، حيث زاد عمره الافتراضي من 800 إلى 1500 ساعة بفضل شفرات التوربين البلورية الأحادية من الجيل الثالث.
- تقنيات التخفي (Stealth): تتضمن J-10C ميزات لتقليل المقطع العرضي الراداري (RCS) مثل استخدام مواد مركبة ماصة للرادار، وشكل انسيابي، ومداخل هواء مُعاد تصميمها، وميزات “مضادة للرادار الكمي”. كما تم طلاء المظلة بغشاء خاص، وتم تركيب هوائي الرادار بزاوية مائلة، مما أدى إلى تقليل المقطع العرضي الراداري بمقدار كبير. ومع ذلك، يُلاحظ أن هذه الميزات، رغم فائدتها، ليست مثالية لتوفير أفضل أداء تخفي مقارنة بالمقاتلات من الجيل الخامس.
- الرادارات: جهزت J-10C برادار AESA (Active Electronically Scanned Array) من طراز KLJ-10. يُزعم أن هذا الرادار يمكنه تتبع الأهداف، ومقاومة التهديدات الإلكترونية، وتحسين مدى الكشف. يمكنه اكتشاف أهداف ذات مقطع عرضي راداري يبلغ 5 أمتار مربعة من مسافة تزيد عن 200 كيلومتر، ويصل مداه الأقصى إلى 220 كيلومتر.
- أنظمة الحرب الإلكترونية (EW): تتضمن J-10C أجهزة استقبال تحذير راداري (RWR)، وحاضنات حرب إلكترونية (ECM pods)، وموزعات رقائق ومضيئات (chaff and flare dispensers)، ونظام البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء (IRST) للكشف السلبي. ومع ذلك، يُشير بعض المحللين إلى أن قدرات الحرب الإلكترونية للطائرة J-10C ليست متقدمة مثل نظيرتها في الرافال.
- قدرات الاشتباك خلف مدى الرؤية (BVR): تحمل J-10C صواريخ PL-15 جو-جو، والتي يُزعم أن نسختها المحلية يصل مداها إلى 200-300 كيلومتر، بينما تبلغ مدى النسخة التصديرية PL-15E حوالي 145 كيلومتر. يتميز هذا الصاروخ بمحرك صاروخي يعمل بالوقود الصلب ثنائي النبضات، ويصل إلى سرعات تتجاوز 5 ماخ، ومزود بباحث راداري AESA ورابط بيانات ثنائي الاتجاه.
- حمولة التسليح: تحتوي J-10C على 11 نقطة تعليق خارجية، مما يسمح لها بحمل مجموعة متنوعة من الذخائر الموجهة، والصواريخ المضادة للسفن، والقنابل الموجهة بدقة، وصواريخ جو-جو مثل PL-15 و PL-8. يبلغ إجمالي الحمولة القصوى 6,000 كيلوجرام.
تشينغدو J-20
تُصنف طائرة Chengdu J-20 “التنين القوي” (Mighty Dragon) كمقاتلة شبحية من الجيل الخامس ذات محركين، مصممة للتفوق الجوي والقدرة على الضربات الدقيقة.
- أنظمة الدفع: تُشغل J-20 حالياً بمحركات روسية من طراز Salyut AL-31FM2 بقوة دفع قصوى تبلغ 145 كيلونيوتن. تُخطط الصين لاستبدال هذه المحركات بمحركات Xian WS-15 الصينية التي تُنتج 180 كيلونيوتن. ومع ذلك، يُذكر أن محرك WS-15 لا يزال متأخراً عن الجدول الزمني، وقد واجه تحديات كبيرة في التطوير، بما في ذلك مشاكل في الإدارة الحرارية، ومتانة المواد، ونقص الدفع المطلوب لتحقيق “السرعة الفائقة” (supercruise) – القدرة على التحليق بسرعات تفوق سرعة الصوت دون استخدام الحارق اللاحق. تُستخدم محركات WS-10B/C كحل مؤقت، حيث يُزعم أن WS-10C قادر على نسبة دفع إلى وزن تبلغ 9.5 أو أعلى، وهو ما يكفي لتحقيق السرعة الفائقة.
- تقنيات التخفي: تتميز J-20 بمداخل هواء منخفضة الملاحظة (low observable intakes)، وشكل جسم وجناح مدمج، وعوادم خلفية مستديرة. ومع ذلك، فإن استخدام أسطح الكانارد الأمامية المتحركة بالكامل يُعتبر نقطة ضعف محتملة في أدائها الشبحية، خاصة عند ترددات رادارية معينة. كما أن فوهات المحرك المتماثلة محورياً قد تُعرض الطائرة للرادار. تُشير التقديرات إلى أن المقطع العرضي الراداري (RCS) للطائرة J-20 أعلى من طائرة F-22، وأقرب إلى F-35، ويتراوح بين 0.08 و 0.3 متر مربع من الأمام. تُشير بعض التقديرات الأخرى إلى أن RCS يمكن أن يصل إلى 1-3 متر مربع. يُعتقد أن تخفي J-20 مُحسن لنطاقات رادارية محددة، خاصة تلك التي تستخدمها أنظمة الدفاع الجوي.
- الرادارات: تُجهز J-20 برادار AESA صيني من طراز Type 1475 (KLJ-5). يُعتقد أن هذا الرادار يحتوي على 2000-2200 وحدة إرسال/استقبال. وقد استوفت الرادارات الصينية متطلبات دراسة عسكرية صينية عام 2003 لمدى تتبع يبلغ 200 كيلومتر، وتتبع 20 هدفاً في وقت واحد، وقدرات اشتباك متعددة الأهداف.
- أنظمة الحرب الإلكترونية: تهدف إلكترونيات الطيران في J-20 إلى توفير وعي situational awareness متقدم من خلال دمج أجهزة الاستشعار والبيانات، مع حرمان الخصم من هذا الوعي عبر التخفي والحرب الإلكترونية. تتضمن أجهزة استشعار كهروبصرية سلبية حول جسم الطائرة لرؤية شاملة، ونظام استهداف كهروبصري (EOTS-89) ونظام بحث وتتبع بالأشعة تحت الحمراء (EORD-31). ومع ذلك، تُثار تساؤلات حول أداء رادار AESA وأنظمة الحرب الإلكترونية في J-20، ويُعتقد أن الصين لا تزال متخلفة عن الغرب في مجال إلكترونيات الطيران.
- قدرات الاشتباك خلف مدى الرؤية (BVR): تحمل J-20 صواريخ PL-15 جو-جو طويلة المدى، والتي يُزعم أن مداها يتراوح بين 200-300 كيلومتر.
- حمولة التسليح: تحتوي حجرة الأسلحة الداخلي الرئيسي على صواريخ جو-جو قصيرة وطويلة المدى (PL-9, PL-12C/D & PL-15 – PL-21)، بينما الخليجان الجانبيان الأصغر خلف مداخل الهواء مخصصان لصواريخ جو-جو قصيرة المدى (PL-10). تُحمل جميع الأسلحة داخلياً للحفاظ على التخفي، ولكن الأجنحة تحتوي على أربع نقاط تعليق لخزانات الوقود الخارجية. تُشير المواصفات إلى أن J-20 يمكن أن تحمل حمولة قصوى (داخلية وخارجية) تقترب من 28,000 رطل، متجاوزة قدرة F-35 في “وضع الوحش” (beast mode).
شنيانغ FC-31 (J-31/J-35)
تُعد Shenyang FC-31 (التي تطورت إلى J-35) مقاتلة شبحية من الجيل الخامس ذات محركين، مصممة في الأصل للدعم الجوي القريب والقصف جو-أرض، مع إمكانية استخدامها كطائرة حاملة.
- أنظمة الدفع: زُودت النماذج الأولية من FC-31 بمحركين روسيين من طراز RD-93، بقوة دفع بعد الحارق تبلغ 2×81 كيلونيوتن، مع نسبة دفع إلى وزن أقل من محركات الرافال. تُشير التقارير إلى خطط لتزويدها بمحركات WS-13 أو WS-19 الأكثر حداثة. تُعاني الصين من مشاكل في إنتاج محركات نفاثة عالية الأداء، مما يؤثر على وزن الطائرة وقدرتها على حمل حمولات أثقل والعمل لفترات أطول.
- تقنيات التخفي: صُممت FC-31 بميزات تخفي متزايدة، بما في ذلك شكل مصمم بعناية ومواد ماصة للرادار (RAM) لتقليل مقطعها العرضي الراداري. يُلاحظ تشابهها الشديد مع طائرات F-35 و F-22 الأمريكية. ومع ذلك، تُشير تقارير إلى أن الصين تفتقر إلى تقنية “الشبكة المخبأة” (baked-mesh technology) المستخدمة في F-35 لهيكل الطائرة الشبحية، وتستخدم بدلاً من ذلك هيكلاً من الصلب والألومنيوم. تُقدر قيمة المقطع العرضي الراداري (RCS) لـ FC-31 في نطاق 0.1 إلى 0.5 متر مربع، وهو تقدير سخي. كما تم تصميم فوهات العادم “المموجة” لتقليل الانعكاسات الخلفية.
- الرادارات: صُممت FC-31 لاستخدام رادار AESA من طراز KLJ-7A. يُذكر أن قدرة هذا الرادار على العمليات البحرية لم تُثبت بعد. يبلغ مدى رادار KLJ-7A حوالي 120 كيلومتر.
- أنظمة الحرب الإلكترونية: تفتقر FC-31 إلى نظام الفتحة الموزعة (Distributed Aperture System – DAS) أو مجموعة إلكترونيات طيران حديثة، وهي مكونات أساسية لاعتبارها مقاتلة من الجيل الخامس الحقيقي. ومع ذلك، يُتوقع أن تتضمن J-35A مجموعة من أجهزة الاستشعار المشابهة لـ F-35، بما في ذلك رادار AESA، وأنظمة IRST، وقدرات حرب إلكترونية، مع تركيز قوي على التشويش والإجراءات المضادة الإلكترونية.
- حمولة التسليح: يمكن تزويد FC-31 بمدفع داخلي واحد، وجحرتين داخلييتين للأسلحة في جسم الطائرة (يتسعان لصاروخين لكل منهما)، وثلاث نقاط تعليق حمولة على كل جناح. يمكنها حمل 8 أطنان من الأسلحة. ومع ذلك، فإن حمل صواريخ أكبر مثل YJ-12 المضادة للسفن تحت الأجنحة سيؤثر على تخفيها. يبلغ وزنها الفارغ حوالي 38,000 رطل، مما يؤثر على حمولتها القصوى وقدرتها على الإقلاع من حاملات الطائرات ذات القفزات التزلجية.
الخصائص التقنية للطائرات المقاتلة الفرنسية
تُمثل الطائرات المقاتلة الفرنسية، الرافال والميراج 2000-5، قمة الهندسة الأوروبية في مجال الطيران العسكري، وتتميز بتكامل عملياتي وتقني متقدم.
داسو رافال
تُعد داسو رافال مقاتلة متعددة المهام ذات محركين، من الجيل 4.5، صُممت لأداء مجموعة واسعة من المهام، بما في ذلك التفوق الجوي، والدعم الأرضي، والاستطلاع، والردع النووي.
- أنظمة الدفع: تُشغل الرافال بمحركي توربوفان من طراز Snecma M88-2، يوفر كل منهما 75 كيلونيوتن (حوالي 16,900 رطل قوة) من الدفع مع الحارق اللاحق. تُمكن هذه المحركات الرافال من تحقيق قدرة “السرعة الفائقة” (supercruise) بسرعة 1.4 ماخ دون استخدام الحارق اللاحق، مما يقلل استهلاك الوقود. تتميز المحركات بنسبة دفع إلى وزن عالية تبلغ حوالي 1.13. وقد تجاوزت محركات M88 مليون ساعة طيران، وتتميز بتصميم معياري يسهل الصيانة، مع إمكانية إزالتها وإعادة تركيبها في ساعة واحدة.
- تقنيات التخفي: تتميز الرافال بتصميم جناح دلتا مع أسطح كانارد متقاربة، مما يوفر رشاقة عالية ويقلل المقطع العرضي الراداري. تُستخدم المواد المركبة بشكل مكثف في هيكلها، حيث تشكل 70% من المساحة المبللة. تُعتبر الرافال “خفية” (discrete) وليست “شبحية” (stealthy) بالمعنى الكامل، حيث تعتمد على مزيج من التشكيل وتقليل المقطع العرضي الراداري السلبي والحرب الإلكترونية النشطة للحفاظ على بقائها. يبلغ مقطعها العرضي الراداري حوالي 1 متر مربع.
- الرادارات: تُجهز الرافال برادار Thales RBE2 AESA، الذي يعمل في النطاق X، ويُعد أول رادار AESA أوروبي يُسلم للقوات المسلحة. يمكنه تتبع ما يصل إلى 40 هدفاً في وقت واحد والاشتباك مع 8 منها في نفس الوقت، بمدى يتجاوز 200 كيلومتر ضد الأهداف الجوية. يوفر الرادار مستويات غير مسبوقة من الوعي situational awareness، مع كشف وتتبع مبكر لأهداف متعددة، وقدرة على استخدام عدة أوضاع رادارية في نفس الوقت، بما في ذلك رسم خرائط ثلاثية الأبعاد للتتبع التضاريسي وخرائط أرضية عالية الدقة للملاحة والاستهداف. كما يتميز بمقاومة محسنة للتشويش.
- أنظمة الحرب الإلكترونية: يُعد نظام SPECTRA (Self-Protection Equipment to Counter Threats for Rafale Aircraft) حجر الزاوية في قدرة الرافال على البقاء. يوفر هذا النظام المتكامل كشفاً بعيد المدى، وتحديداً، وتوطيناً دقيقاً للتهديدات بالأشعة تحت الحمراء، والكهرومغناطيسية، والليزر. يدمج النظام أجهزة استقبال تحذير راداري وليزر وصواريخ، بالإضافة إلى جهاز تشويش راداري ذو مصفوفة طورية وموزع مضيئات وإرباكات. كما يتضمن وحدة إدارة مخصصة لدمج البيانات واتخاذ قرارات الرد، مما يضمن بقاء الرافال في بيئات شديدة التهديد دون دعم خارجي.
- قدرات الاشتباك خلف مدى الرؤية (BVR): تحمل الرافال صواريخ Meteor جو-جو، والتي يبلغ مداها أكثر من 100 كيلومتر وتوفر سيطرة جوية ضد الأهداف السريعة والمناورة. كما تحمل صواريخ MICA جو-جو (IR/EM) للاشتباك القريب والمتوسط المدى بمدى 60-70 كيلومتر.
- حمولة التسليح: تتميز الرافال بـ 14 نقطة تعليق (13 لنسخة Rafale M) وقدرة حمولة خارجية إجمالية تزيد عن 9 أطنان (20,000 رطل). يمكنها حمل ذخائر متنوعة مثل صواريخ SCALP-EG الجوالة، وقنابل AASM الموجهة بدقة، وقنابل GBU-12/16/24 الموجهة بالليزر، وصواريخ Exocet المضادة للسفن، بالإضافة إلى قدرتها على حمل صاروخ ASMP-A النووي. كما أنها مجهزة بمدفع GIAT 30/M791 عيار 30 ملم.
داسو ميراج 2000-5
تُعد داسو ميراج 2000-5 مقاتلة متعددة المهام من الجيل الرابع، تتميز بتكوين جناح دلتا كلاسيكي يوفر ديناميكية هوائية ممتازة وقدرة عالية على المناورة.
- أنظمة الدفع: تُشغل الميراج 2000-5 بمحرك توربوفان واحد من طراز SNECMA M53-P2، والذي يوفر 95 كيلونيوتن من الدفع مع الحارق اللاحق. يسمح هذا المحرك للطائرة بالوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 2.2 ماخ. يتميز المحرك بتصميم معياري يسهل الصيانة، مما يعزز الجاهزية العملياتية.
- تقنيات التخفي: يتميز هيكل الطائرة باستخدام سبائك الألومنيوم-ليثيوم خفيفة الوزن والمواد المركبة، مما يعزز المتانة ويقلل الوزن. يُعرف تصميم جناح الدلتا بانخفاض السحب والمقطع العرضي الراداري.
- الرادارات: تُجهز الميراج 2000-5 برادار Thales RDY متعدد الأوضاع، والذي يمكنه الكشف والتتبع المتزامن لثمانية أهداف في وضع جو-جو، بمدى كشف يتجاوز 100 كيلومتر ضد هدف جوي من نوع المقاتلات في الظروف المثالية. صُممت إلكترونيات الرادار لمقاومة التشويش الراداري والإجراءات المضادة الإلكترونية (ECCM).
- أنظمة الحرب الإلكترونية: تتضمن الميراج 2000-5 نظام SPECTRA للحماية الذاتية (EW، تحذير صاروخي، تشويش). كما أنها مجهزة بنظام ICMS Mk2 (Integrated CounterMeasures System) الذي يجمع بين الكشف عن انبعاثات الرادار المعادية (RWR)، والتشويش النشط، والتحكم في الإرباكات بالأشعة تحت الحمراء والكهرومغناطيسية.
- قدرات الاشتباك خلف مدى الرؤية (BVR): تُسلح الميراج 2000-5 بصواريخ MICA EM و MICA IR جو-جو بمدى حوالي 60 كيلومتر. كما يمكنها استخدام صواريخ Magic 2 للاشتباكات قصيرة المدى.
- حمولة التسليح: يمكن للميراج 2000-5 حمل ما يصل إلى 6,300 كيلوجرام من الذخائر عبر تسع نقاط تعليق خارجية، مما يجعلها منصة متعددة الاستخدامات لمهام جو-جو وجو-أرض. يمكنها نشر ذخائر موجهة بدقة مثل قنابل GBU-12 Paveway II الموجهة بالليزر، وقنابل AASM Hammer الموجهة، وصواريخ SCALP-EG الجوالة. كما أنها مجهزة بمدفعين دوارين من طراز DEFA 554 عيار 30 ملم.
مقارنة تحليلية بين المقاتلات الصينية والفرنسية
يُظهر التحليل الهندسي والعملياتي مقارنات حاسمة بين المقاتلات الصينية المذكورة ونظيراتها الأوروبية.
مدى الرادار
تُظهر البيانات أن رادارات AESA في J-10C ورافال تتمتع بمديات كشف مماثلة تتجاوز 200 كيلومتر، مما يشير إلى قدرة متقاربة في الاشتباك خلف مدى الرؤية من حيث الكشف الأولي. ومع ذلك، فإن مدى رادار FC-31 (KLJ-7A) البالغ 120 كيلومتر يضعها في مرتبة أدنى، خاصة وأن قدرتها البحرية لم تُثبت بعد.
المقطع العرضي الراداري (RCS)
- J-10C: حققت تقليلاً في المقطع العرضي الراداري بمقدار كبير بفضل تصميمها وميزاتها المضادة للرادار.
- J-20: تُشير التقديرات إلى أن المقطع العرضي الراداري للطائرة J-20 أعلى من F-22 وأقرب إلى F-35، ويتراوح بين 0.08 و 0.3 متر مربع من الأمام. تُعد أسطح الكانارد الأمامية وفوهات المحرك نقاط ضعف محتملة في أدائها الشبحية.
- FC-31: تُقدر قيمة المقطع العرضي الراداري لـ FC-31 بين 0.1 و 0.5 متر مربع (تقدير سخي). تفتقر الصين إلى تقنية “الشبكة المخبأة” لهيكل الطائرة الشبحية، وتستخدم بدلاً من ذلك هيكلاً من الصلب والألومنيوم.
- رافال: تُعتبر “خفية” وليست “شبحية” بالكامل، وتعتمد على مزيج من التشكيل وتقليل المقطع العرضي الراداري السلبي والحرب الإلكترونية النشطة. يبلغ مقطعها العرضي الراداري حوالي 1 متر مربع.
- ميراج 2000-5: يتميز تصميم جناح الدلتا بانخفاض المقطع العرضي الراداري.
بينما تُظهر المقاتلات الصينية، وخاصة J-20 و FC-31، محاولات جادة في تقنيات التخفي، فإنها لا تزال تواجه تحديات هندسية جوهرية. تُشكل الكاناردات في J-20 وفوهات المحرك نقاط ضعف في التخفي من جميع الجوانب. كما أن الاعتماد على هياكل من الصلب والألومنيوم بدلاً من التقنيات المتقدمة في المواد المركبة يُقلل من فعاليتها الشبحية مقارنة بالمقاتلات الغربية. في المقابل، تُركز الرافال على مفهوم “الخفية” من خلال التصميم الذكي وأنظمة الحرب الإلكترونية النشطة، مما يمنحها ميزة تكتيكية في بيئات التشويش.
نسبة الدفع إلى الوزن
تُظهر الرافال تفوقاً واضحاً في نسبة الدفع إلى الوزن مقارنة بالنماذج الصينية الحالية، مما يمنحها رشاقة وقدرة تسارع أفضل. بينما تُشير محركات WS-10C و WS-15 الصينية إلى طموح الصين في تحقيق نسب دفع إلى وزن عالية، فإن التحديات المستمرة في تطويرها وموثوقيتها تُقلل من تأثيرها العملياتي الحالي.
حمولة التسليح
تُظهر الرافال قدرة تسليح خارجية هي الأكبر بين جميع الطائرات المقارنة، مما يسمح لها بمرونة عملياتية عالية في مهام متعددة. بينما تُركز J-20 و FC-31 على حمل الأسلحة داخلياً للحفاظ على التخفي، فإن هذا قد يحد من مرونة الحمولة مقارنة بالرافال التي يمكنها حمل كميات كبيرة من الذخائر المتنوعة خارجياً.
التجارب القتالية
تُعد التجارب القتالية الحقيقية عاملاً حاسماً في تقييم أداء الطائرات المقاتلة وموثوقيتها. المقاتلات الأوروبية، الرافال والميراج 2000-5، تتمتع بسجل حافل من العمليات القتالية في بيئات متنوعة وصعبة.
- الرافال: مُجربة في القتال على نطاق واسع منذ عام 2001، وقد نُشرت في أفغانستان، وليبيا، ومالي، والعراق، وسوريا، ومهام الشرطة الجوية لحلف الناتو. أظهرت الرافال فعالية مثبتة، ومعدل طلعات جوية عالياً، ومرونة في المهام، مع توفر تقني يبلغ متوسطه أكثر من 90% حتى في البيئات الصحراوية ومن حاملات الطائرات.
- الميراج 2000-5: شاركت في حرب كوسوفو ، وعمليات في ليبيا، وبلاد الشام، ومهام الناتو، وعمليات الإجلاء في السودان، وخليج عدن. كما تم تسليمها لأوكرانيا حيث أثبتت فعاليتها في إسقاط الطائرات بدون طيار.
- الطائرات الصينية: تقتصر تجربة J-20 و FC-31 على مهام التدريب والمناورات. بينما زعمت باكستان نجاحاً قتالياً لـ J-10C د طائرات هندية.
قدرة العمل في بيئات التشويش والتشغيل المشترك (Interoperability)
- الأنظمة الأوروبية: تتميز الرافال بنظام SPECTRA المتكامل للحرب الإلكترونية، والذي يوفر قدرات متقدمة للكشف عن التهديدات والتشويش الفعال، مما يسمح لها بالعمل في بيئات كهرومغناطيسية شديدة التحدي. كما أن رادار RBE2 AESA يتمتع بمقاومة محسنة للتشويش. الميراج 2000-5 مجهزة برادار RDY الذي صُمم لمقاومة التشويش، ونظام ICMS Mk2 للحرب الإلكترونية. كلا الطائرتين الفرنسيتين متوافقتان مع معايير الناتو ورابط البيانات Link 16، مما يضمن التشغيل المشترك السلس في بيئات التحالف.
- الأنظمة الصينية: تُزعم أن رادار KLJ-10 AESA في J-10C يتمتع بقدرات قوية مضادة للتشويش. كما تُشير التقارير إلى أن J-35A تُركز على التشويش والإجراءات المضادة الإلكترونية. ومع ذلك، تُشير التحليلات إلى أن الصين لا تزال متخلفة عن الغرب في مجال إلكترونيات الطيران وأنظمة الحرب الإلكترونية. علاوة على ذلك، تواجه القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي تحديات في تنفيذ مفهوم الحرب المرتكزة على الشبكة (NCW)، بما في ذلك قضايا مثل الحمل الزائد للمعلومات، والاعتماد التكنولوجي، وقابلية التشغيل البيني، وتحديات الأمن السيبراني، مما يُعيق قدرتها على التكامل العملياتي الشامل.
التفوق الهندسي والتكتيكي للمقاتلات الفرنسية
تتفوق المقاتلات الفرنسية تقنياً وتكتيكياً على نظيراتها الصينية لعدة أسباب جوهرية، تتجاوز مجرد المواصفات على الورق.
نضج التكنولوجيا وتكامل الأنظمة
تُعد الرافال مثالاً بارزاً على النضج التكنولوجي والتكامل المتقدم للأنظمة. يتميز تصميمها بقدرة “متعددة المهام الشاملة” (omnirole capability)، مما يسمح لها بأداء مهام متعددة في طلعة جوية واحدة. يعتمد هذا على دمج حاسوبي متقدم لأجهزة الاستشعار، حيث تُجمع البيانات من رادار RBE2 AESA، ونظام SPECTRA للحرب الإلكترونية، وأجهزة الاستشعار الكهروبصرية الأمامية (OSF)، وتُدمج في صورة قتالية موحدة للطيار. هذا الدمج يُقلل العبء المعرفي على الطيار ويزيد من الوعي situational awareness بشكل كبير.
تُعزز البنية المعيارية لإلكترونيات الطيران في الرافال من قدرتها على التحديثات المستقلة وتكامل الأسلحة غير الفرنسية، مما يمنح الدول المشغلة مرونة أكبر واستقلالية عن النظم البيئية البرمجية الأجنبية. هذا يتناقض مع المقاتلات الصينية، حيث تُثار تساؤلات حول نضج دمج أجهزة الاستشعار وقدرات الحرب الإلكترونية. على الرغم من ادعاءات الصين بوجود دمج لأجهزة الاستشعار في J-20 و FC-31، إلا أن التفاصيل الفنية والخبرة العملياتية تُشير إلى أن هذه الأنظمة قد لا تكون بنفس مستوى النضج والتكامل الموجود في المقاتلات الغربية.
موثوقية المحركات والسرعة الفائقة
تُعد موثوقية المحركات وقدرتها على تحقيق السرعة الفائقة من نقاط القوة البارزة للمقاتلات الفرنسية. تُعرف محركات Snecma M88 في الرافال بموثوقيتها العالية وعمرها التشغيلي الطويل، بالإضافة إلى تصميمها المعياري الذي يسهل الصيانة. كما أن قدرة الرافال على التحليق بسرعة فائقة (Mach 1.4) دون استخدام الحارق اللاحق تُوفر ميزة تكتيكية كبيرة في الحفاظ على الطاقة وتقليل استهلاك الوقود.
في المقابل، واجهت الصين تحديات كبيرة ومستمرة في تطوير محركاتها النفاثة، وخاصة WS-15 المخصص لـ J-20. تُشير التقارير إلى مشاكل في الإدارة الحرارية، ومتانة المواد، ونقص الدفع، والموثوقية على مدى عمر الخدمة الكامل. على الرغم من التقدم في محركات WS-10B/C، إلا أن عمرها الافتراضي (1500 ساعة) لا يزال أقل بكثير من المحركات الغربية (6000 ساعة لـ F135). هذه التحديات في المحركات تُعيق قدرة المقاتلات الصينية على تحقيق السرعة الفائقة بشكل مستدام وتُثير تساؤلات حول موثوقيتها في ظروف القتال الطويلة.
الفلسفة التصميمية والتكامل العملياتي
تُركز الفلسفة التصميمية لداسو على تقليل عبء العمل على الطيار، وتوفير حماية داخلية للمظروف الطيراني، وتحسين الأداء الديناميكي الهوائي من خلال أنظمة التحكم الرقمية في الطيران (DFCS). تُصمم الرافال لتكون متعددة المهام الشاملة، مما يسمح لها بأداء مهام جو-جو وجو-أرض واستطلاع وردع نووي في طلعة واحدة. هذا التكامل يُقلل من التعقيد اللوجستي ويزيد من المرونة العملياتية.
على النقيض، تُركز J-20 بشكل أساسي على التفوق الجوي والضربات الدقيقة بعيدة المدى ، بينما تُصمم FC-31 للدعم الجوي القريب والقصف مع إمكانية العمل من حاملات الطائرات. على الرغم من أن J-35A تُصمم لتكون مركزاً لترحيل البيانات وتكاملها مع نظام الدفاع الجوي المتكامل الصيني (IADS) والتحكم في الطائرات بدون طيار، إلا أن هذه القدرات لا تزال في طور التطور وتواجه تحديات في التنفيذ العملياتي.
تحديات الصيانة والدعم اللوجستي
تُعد الصيانة والدعم اللوجستي من المجالات التي تُظهر فيها الطائرات الصينية ضعفاً كبيراً مقارنة بنظيراتها الأوروبية. تُعرف الرافال بموثوقيتها العالية وسهولة صيانتها، مع ضمان توفر أسطول بنسبة 75%، ودعم شامل لقطع الغيار والصيانة. كما أن تصميم محرك M88 المعياري يسهل عمليات الصيانة. تتمتع الميراج 2000-5 أيضاً بموثوقية وسهولة في الصيانة، وقد استثمرت بعض الدول في قدرات صناعية محلية لدعمها.
في المقابل، تُعاني الصين من تحديات كبيرة في صيانة ودعم أسطولها الجوي الحديث. يُشير نقص الخبرة القتالية لجيش التحرير الشعبي إلى أن قدرته على إجراء الصيانة في قتال عالي الكثافة لم تُختبر بعد، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفشل في ظروف ساحة المعركة القاسية. كما أن هناك نقصاً في القوة العاملة المتخصصة في الصيانة، واعتماداً مفرطاً على كبار الفنيين، ونقصاً في تبادل المعرفة بين الوحدات. وقد واجهت صادرات الأسلحة الصينية تاريخياً عيوباً ومشاكل في الموثوقية، مما أدى إلى تقارير عن تعليق طائرات صينية بسبب تشققات هيكلية ومشاكل رادارية في دول مثل ميانمار وبنغلاديش وباكستان. هذه المشاكل تُشير إلى عيوب أعمق في التصنيع الدفاعي الصيني وتُثير تساؤلات حول جودة وموثوقية أنظمتها غير المُجربة في القتال.
The post مقارنة شاملة بين الطائرات المقاتلة الصينية والفرنسية appeared first on Defense Arabia.