القوات الجوية الأمريكية تطلق مشروع “جوست”: نقلة نوعية في قدرات المسيرات القتالية

0

دفاع العرب Defense Arabia

أعلنت القوات الجوية الأمريكية عن إطلاق مشروع طموح لتطوير طائرة مسيرة شبحية (Stealth UAV) تحمل اسم “جوست” (GHOST)، في إطار عقد بقيمة 99.3 مليون دولار مُنح لشركة جنرال أتوميكس، الرائدة في أنظمة الطيران غير المأهول. يهدف المشروع إلى تطوير مروحة دفع هجينة كهربائية مزودة بقنوات، ويُتوقع اكتماله بحلول أغسطس 2028.

“جوست”: منصة متقدمة لمهام معقدة

تُعد “جوست” خطوة متقدمة في برنامج الطائرات المسيرة الأمريكية، حيث تتميز بتقنيات تخفٍّ عالية ونظام دفع هجين يجمع بين المحركات الكهربائية والتقليدية. تُعتبر هذه المزايا حاسمة للعمليات في البيئات المتنازع عليها، مثل بحر الصين الجنوبي أو أوروبا الشرقية، حيث تواجه الطائرات التقليدية تهديدات متزايدة.

صُممت “جوست” بالاعتماد على منصة “غامبيت” النمطية، مما يتيح تكييفها لمجموعة واسعة من المهام، بدءًا من جمع المعلومات الاستخباراتية وصولًا إلى تنفيذ ضربات دقيقة. كما يسمح تصميمها بالعمل من مدارج قصيرة لا تتجاوز 900 متر، بما يتماشى مع استراتيجية “التوظيف القتالي الرشيق” (ACE) التي تتبناها القوات الجوية الأمريكية.

جنرال أتوميكس: إرث طويل في عالم الطائرات المسيرة

تُعد شركة جنرال أتوميكس حجر الزاوية في تكنولوجيا الطائرات المسيرة الأمريكية، إذ طوّرت منصات بارزة مثل MQ-1 بريداتور وMQ-9 ريبر. كما وسّعت نطاق خبرتها لتشمل طرازات مثل سكاي جارديان وسي جارديان، مما يجعلها الشريك الأمثل لتطوير “جوست”.

قدرات هجومية واستخباراتية متقدمة

على الرغم من شح التفاصيل المتوفرة، تشير المعطيات الأولية إلى أن “جوست” ستكون قادرة على حمل ذخائر موجهة بدقة، وربما أسلحة جو-جو أو حتى أسلحة طاقة موجهة. كما يُتوقع أن تدمج أجهزة استشعار متطورة تشمل رادار الفتحة التركيبية (SAR) وأنظمة كهربصرية/أشعة تحت حمراء (EO/IR).

تفوق تكنولوجي في مواجهة التحديات الجيوسياسية

يأتي تطوير “جوست” في توقيت حساس، وسط تصاعد التهديدات الجيوسياسية من الصين وروسيا. فبينما تطور الصين طائرة CH-7 الشبحية وتعمل روسيا على طراز أوخوتنيك المتخفي، تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على تفوقها الجوي عبر منصات جديدة تتمتع بالمرونة والتخفي والتكامل مع الطائرات المأهولة مثل F-35.

تساؤلات حول الأولويات وإخفاقات الماضي

على الرغم من الآمال المعقودة على “جوست”، يُحذر الخبراء من تكرار سيناريوهات برامج دفاعية فاشلة سابقة، مثل سفينة القتال الساحلية (LCS) أو برنامج أنظمة القتال المستقبلية (FCS). فقد تشكل تعقيدات النظام الهجين والتكلفة العالية عوائق أمام التنفيذ الكامل للمشروع.

يرى بعض المحللين أن الطائرات الحالية مثل MQ-9B سكاي جارديان توفر بالفعل قدرات استخبارات ومراقبة واستطلاع (ISR) قوية، ما يثير الجدل حول الحاجة لطائرة جديدة مكلفة. خاصة أن المشروع سيموّل من ميزانية 2024 بقيمة ابتدائية تبلغ 26.8 مليون دولار، مع احتمال تضخم التكاليف في حال ظهور تحديات فنية.

“جوست”: بين الطموح والشكوك

تُجسّد طائرة “جوست” فصلًا جديدًا في سباق الطائرات المسيرة. فبفضل تخفيها وقدراتها الهجومية والاستخباراتية المتقدمة، قد تصبح حجر الزاوية في استراتيجية القتال الجوي الأمريكي المستقبلية. لكن ما إذا كانت ستحقق وعودها أم تنضم إلى سلسلة البرامج الطموحة غير المكتملة، يبقى سؤالًا مفتوحًا حتى اكتمالها في عام 2028.

حروب المستقبل: بين الشبحية والذكاء الاصطناعي

مع تسارع سباق التسلح التكنولوجي، تتجه حروب المستقبل نحو بيئات قتالية أكثر تعقيدًا وتطورًا، حيث ستكون السيطرة الجوية مرهونة بالقدرة على العمل في فضاءات متنازع عليها دون اكتشاف. في هذا السياق، تُصبح الطائرات المسيرة الشبحية ذات القدرة على اتخاذ قرارات شبه مستقلة، مثل “جوست”، حجر الأساس في معادلة الردع والهجوم.

بينما تعتمد الجيوش التقليدية على كثافة النيران والسيطرة العددية، تعتمد الحروب القادمة على المنصات الذكية، والاتصال المترابط، والقدرة على جمع المعلومات الفورية وتوظيفها ميدانيًا خلال ثوانٍ. يشير خبراء الدفاع إلى أن “الجيل القادم من الحرب” سيكون مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي، والأنظمة الذاتية، والشبكات القتالية الموزعة، حيث ستلعب الطائرات المسيرة دور العقل والعين واليد في آنٍ واحد.

في ظل هذه التحولات، تُمثل طائرة “جوست” استثمارًا استباقيًا نحو مستقبل لم تعد فيه المعركة تدور فقط حول من يملك السلاح الأقوى، بل من يملك الخوارزمية الأذكى.

The post القوات الجوية الأمريكية تطلق مشروع “جوست”: نقلة نوعية في قدرات المسيرات القتالية appeared first on Defense Arabia.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top