دفاع العرب Defense Arabia
خاص – دفاع العرب
تُعيد الصين رسم خارطة التفوق الجوي عالميًا، ليس فقط من خلال تطوير طائرات مقاتلة شبحية من الجيل الخامس، بل أيضًا عبر الترويج العالمي لنماذج مثل المقاتلة J‑35A. ومع تصاعد الحديث عن إمكانية تصدير هذه الطائرة المتقدمة إلى دول عربية، وعلى رأسها مصر والجزائر، تُطرح تساؤلات ملحّة حول دوافع الشراء، وجدية العرض الصيني، والانعكاسات العسكرية والاستراتيجية على التوازنات الإقليمية حتى عام 2030.
خلفية: ما هي J‑35A؟
أطلقت الصين J‑35A كأحدث مقاتلة شبحية مخصصة لحاملات الطائرات، ضمن طموحها لمنافسة F‑35 الأمريكية وSu‑57 الروسية. تحمل الطائرة تصميمًا شبحيًا متكاملًا، وتستند إلى جناح مدمج ومنظومة دفع مزدوجة، وتتميز بخفة المواد المركبة وتقنيات رادارية متقدمة. رغم أن معلومات الأداء الفعلي ما تزال غير معلنة، إلا أن الظهور الأول لها خارج الصين في معرض باريس للطيران عام 2023 شكّل رسالة قوية: الصين لا تطوّر مقاتلات للاستخدام المحلي فقط، بل تسعى لتصديرها وبقوة.
لا تمثل J‑35A مجرد طائرة مقاتلة جديدة، بل سلاحًا جيوسياسيًا تُراهن عليه بكين لفرض نفوذها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبر تحالفات عسكرية متجددة، بينما ترى دول مثل مصر والجزائر فيها فرصة للتحرر من القيود الغربية والانفتاح على بدائل استراتيجية.
الصين تطرق أبواب الدول العربية
برزت مصر والجزائر كمشترين محتملين لـ J‑35A، وفق تقارير بريطانية وعسكرية، لأسباب تتعلّق بتاريخ التعاون الدفاعي مع الصين، ورغبة البلدين في تعزيز استقلاليتهما العسكرية، خاصة في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة. مصر سبق أن تسلّحت بأنظمة Wing Loong وHQ‑9B، بينما عززت الجزائر أسطولها بطائرات صينية بدون طيار وأسلحة دقيقة التوجيه.

لماذا J‑35A الآن؟
1. تكلفة أقل… مقابل أداء محتمل مقبول
توفر J‑35A حلاً اقتصاديًا أمام الدول غير القادرة على اقتناء F‑35 بسبب الكلفة أو القيود السياسية الأمريكية، ما يجعلها منافسًا قويًا على طاولة المفاوضات.
2. دعم تقني مرن من الصين
تعِد بكين بنقل التكنولوجيا أو على الأقل تشغيل مشترك وتدريب محلي، وهو أمر لا تقدّمه الولايات المتحدة بسهولة.
3. رد على تحديات إقليمية
في ظل سباق التسلح المتسارع، لا سيما مع تفوق إسرائيل الجوي واعتماد دول الخليج على منصات أمريكية، تسعى مصر والجزائر للحصول على قدرات نوعية موازِنة تعزز قدرتها على الردع.
اعتراضات محتملة… وردود ممكنة
• مستوى التخفي والتكامل مع البنية التحتية
يشكك خبراء غربيون في فعالية التخفي الحقيقي للطائرة، كما أن تكاملها مع أنظمة الإنذار المبكر والذخائر الغربية قد يكون محدودًا. لكن الرد الصيني غالبًا سيكون بتقديم حزمة متكاملة تشمل رادارات وصواريخ صينية.
• غياب التجارب القتالية
على عكس F‑35 التي خاضت اختبارات ميدانية فعلية، لم تُستخدم J‑35A بعد في أي بيئة قتال حقيقية. إلا أن الصين قد تُغري المشترين بحملات تجربة مفتوحة، أو حتى تصنيع جزئي محلي للنسخ التصديرية.
الأبعاد الجيوسياسية
للصين:
تمثل J‑35A أداة ناعمة لتوسيع النفوذ في مناطق نفوذ غربية تقليدية، مثل شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وبذلك تُضعف نفوذ واشنطن وتستعرض تطورها التقني.
لمصر والجزائر:
تتيح J‑35A خيارًا ثالثًا بين الاعتماد الروسي المتذبذب والتردد الأمريكي، ما يمنحهما هامش مناورة أوسع واستقلالية قرار استراتيجي.
مقارنة مع F‑35 وSu‑57
ماذا بعد؟
يتوقع أن تدخل J‑35A في مرحلة اختبار عملياتي بحري خلال 2025-2026، تزامنًا مع مفاوضات مع شركاء دوليين، أبرزهم دول عربية أفريقية. وفي حال تم توقيع صفقة مع مصر أو الجزائر، فقد نشهد أول تسليم أولي للطائرة قبل 2030، على الأرجح بعد 2028، في نسخة معدلة للتصدير.
خاتمة: سباق الجو في لحظة تحوّل
تعكس J‑35A التحول العميق في خريطة صناعة المقاتلات الحديثة، وتقودنا إلى لحظة يتغيّر فيها ميزان القوى التقليدي. مصر والجزائر تقفان أمام قرار استراتيجي: إما الاستمرار في الارتهان للغرب والشرق التقليديين، أو خوض تجربة ثالثة مع الصين، قد تكون أقل نضجًا تكنولوجيًا، لكنها أكثر مرونة سياديًا.
هل يكون العقد المقبل بداية دخول مقاتلات صينية في سماء العرب؟ أم أن التحفظات الغربية والاعتبارات التقنية ستُبطئ هذا المسار؟ الجواب رهن تطورات الساحة الجيوسياسية… وخيارات الشركاء.
The post هل تُحلّق مقاتلة J‑35A الصينية في سماء مصر أو الجزائر؟ appeared first on Defense Arabia.