“سامب/تي”: القصة الكاملة لنظام الدفاع الجوي الأوروبي الطموح

0

دفاع العرب Defense Arabia

يعتبر نظام “سامب/تي مامبا” (SAMP/T Mamba) ركيزة أساسية في مجال الدفاع الجوي الأوروبي متوسط المدى. فقد جرى تطويره بالتعاون بين فرنسا وإيطاليا انطلاقاً من رؤية مشتركة لتحقيق السيادة العسكرية-الصناعية الأوروبية، مجسداً بذلك الاستقلال الضروري لدول القارة عن الولايات المتحدة الأمريكية.

يتمتع نظام “مامبا” بتصميم مبتكر وقدرات عالية تؤهله للنجاح. ومع ذلك، وعلى الرغم من مرور أكثر من 15 عاماً على دخوله الخدمة، لا يزال يواجه تحديات في الاندماج الكامل ضمن الجيوش المصممة له. فبين محدودية عدد الوحدات، وصعوبات التصدير، والقيود التشغيلية، يظل نظام SAMP/T منظومة شاملة وقوية.

وبصفته المنافس المباشر لمنظومة “باتريوت” الأمريكية، قد ينجح أخيراً في فرض نفسه داخل العديد من الدول الأوروبية، لا سيما مع دخول الجيل الجديد منه الخدمة المتوقع في أواخر عام 2025 أو عام 2026.

نظرة معمقة على “سامب/تي”: التكوين والقدرات

SAMP/T هو اختصار لعبارة “Système sol-air moyenne portée terrestre” أو نظام الدفاع الجوي الأرضي متوسط المدى. يعتمد هذا النظام المضاد للطائرات على الصواريخ، وجرى تطويره من قبل شركتي تاليس (Thales) و إم.بي.دي.إيه (MBDA) تحت إشراف لوكار (Locar)، وهي منظمة التعاون المشترك في مجال التسليح. يُعد هذا البرنامج الفرنسي-الإيطالي أحد الركائز الأساسية، إن لم يكن حاسمة، في الدفاع الجوي الوطني لكل من فرنسا وإيطاليا، كما يمتد تأثيره الأوروبي من خلال عمليات نشره المتعددة في شرق القارة.

SAMP/T NG

تتسم البطارية الواحدة من نظام SAMP/T بالتعقيد، إذ تتكون من عدة وحدات توفر لها استقلالية جزئية عند النشر. تتألف مجموعة الإطلاق (البطارية) من سبعة عناصر رئيسية، تنقسم إلى فئتين:

  • وحدة القيادة: تضم ثلاث مركبات: وحدة الاشتباك التي تحتوي على الحواسيب وأجهزة التحكم؛ وحدة الرادار للتعرف على الأهداف، والتي تشمل رادار أرابيل (Arabel) من النطاق X ونظام التعرف على الصديق من العدو؛ وأخيراً وحدة توليد الطاقة المستقلة لتشغيل الرادار.
  • وحدات الإطلاق: تتكون من أربع وحدات إطلاق أرضية (MLT) تشكل قسم الإطلاق.

جميع وحدات البطارية مركبة على شاحنات رينو KX (Renault KX) بنظام الدفع 8×4. وإلى جانب وحدات قسم الإطلاق، تتوفر مركبات داعمة للوجستيات مثل وحدات إعادة التعبئة التي تحمل كل منها 8 صواريخ، ومركبات الصيانة الإلكترونية والميكانيكية. كما توجد وحدة قيادة على مستوى السرب لتنسيق الدفاع الجوي للمنطقة مع القوات الميدانية، بالإضافة إلى وحدات استطلاع مرافقة للبطارية. جميع مكونات قسم الإطلاق غير منفصلة؛ فالرادار يعالج الإشارات ويحدد التهديدات ثم ينقل البيانات إلى وحدة الاشتباك لاتخاذ قرار الإطلاق.

تتميز البطارية بالمرونة في عدد قاذفات الصواريخ التابعة لها، إذ يمكن أن تتراوح من أربعة إلى ستة مركبات إطلاق، أي ما يصل إلى 48 صاروخاً، حيث يحمل كل مركبة 8 صواريخ. تعتمد فرنسا على بطاريات بأربعة مركبات إطلاق، بينما تفضل إيطاليا استخدام ستة.

أما الصواريخ المستخدمة فهي من نوع أستر 30 بلوك 1 (Aster 30 Block 1)، وهي صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت وتصل إلى أكثر من 4 ماخ (حوالي 5000 كيلومتر في الساعة)، وتصل لهذه السرعة خلال ثلاث ثوانٍ تقريباً بعد الإطلاق. يمكن لكل صاروخ التعامل مع هدف على بعد يصل إلى 100 كيلومتر، لكن البطارية تركز على حماية منطقة ضمن نطاق 80 كيلومتراً نصف القطر وارتفاع يصل إلى 20 كيلومتراً. الميزة الأساسية لنظام “سامب/تي مامبا” هي قدرته على توفير دفاع بزاوية 360 درجة من خلال بطارية واحدة.

آلية عمل الصاروخ وتكامله مع الأنظمة الأخرى

عند إطلاق صاروخ Aster 30، ينطلق الصاروخ مباشرة نحو هدفه، ويعمل بنظام الإطلاق “الساخن”، حيث يبدأ الصاروخ احتراق محركه من البداية، على عكس الصواريخ “الباردة” التي تُطلق أولاً من القاذف قبل تشغيل محركها. يتكون الصاروخ من مرحلتين: أولاً معزز يدفع الصاروخ إلى مسار صاعد نحو منطقة الهدف، ثم ينفصل المعزز ويتجه الصاروخ إلى الهدف من الأعلى. يتواصل الصاروخ مع وحدة القيادة عبر هوائي خاص. يتميز الصاروخ بمرونته ودقته، بفضل نظام التوجيه “PIF-PAF” الذي يوفر تحكماً ديناميكياً قوياً، ما يتيح له مناورات فعالة على مختلف الارتفاعات. يبلغ وزن الصاروخ حوالي 490 كجم وطوله يقارب 4.9 متر.

التحديات والتطويرات المستقبلية: “سامب/تي الجيل الجديد”

يعاني نظام “سامب/تي” من بعض التحديات، ليس في الأداء، بل في قدرة الجيوش على تأمين أعداد كافية منه. فعدد البطاريات المُشغّلة محدود، وتتركز كلها في الأراضي الفرنسية، مع إمكانية نشر واحدة في إطار حلف الناتو كما حدث في رومانيا. تهدف هذه البطاريات بشكل رئيسي إلى حماية القواعد الجوية الحساسة، مع تخصيص 40% من القوات لتغطية عمليات الجيش البري في مختلف المسارح. البطارية الواحدة من نوع “سامب/تي” قابلة للنقل جواً، ويتطلب نقلها حوالي 40 رحلة بطائرة C130.

مع مرور أكثر من 15 عاماً على تشغيل النظام، من المتوقع إدخال نسخة جديدة تُعرف باسم “سامب/تي الجيل الجديد” (SAMP/T NG) قريباً. يأتي هذا الجيل بتحديثين رئيسيين: أولاً، استبدال الرادار الحالي برادار Ground Master 300، وثانياً، تحديث صواريخ Aster إلى المعيار B1 NT (تعني NT “تقنيات جديدة”). ستوسع هذه التحديثات تغطية الرادار إلى 350 كيلومتراً، وتحسن قدرته على تتبع عدة أهداف في آن واحد، مع التمييز بين الأهداف الصديقة والعدو واعتراضها حتى مدى 150 كيلومتراً. كما ستزيد مقاومة النظام للهجمات السيبرانية ومحاولات التشويش.

في ظل التطورات التكنولوجية السريعة، خاصة في مواجهة التهديدات فائقة السرعة والفرط صوتية، يُتوقع أن يصبح SAMP/T NG حلاً متكاملاً لاعتراض هذه الصواريخ. يضيف الجيل الجديد مرونة بدمج مكونات لأنظمة ذات مدى قصير وقصير جداً. فبفضل وحدة الاشتباك المطورة التي تحتوي على أربعة مراكز عمل، سيُصبح بالإمكان إدارة اعتراضات متعددة من صواريخ قصيرة المدى مثل VL MICA وميسترال وCAMM-ER، مع تقليل عدد أنظمة الرادار ضمن البطارية.

The post “سامب/تي”: القصة الكاملة لنظام الدفاع الجوي الأوروبي الطموح appeared first on Defense Arabia.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top