دفاع العرب Defense Arabia
علي الهاشم – باحث ومختص في الدفاع والطيران
استحوذ خبر القصف الذي استهدف، يوم الثلاثاء الماضي، اجتماع وفد تفاوضي من حركة حماس في قلب العاصمة القطرية الدوحة على اهتمام الإعلام الدولي، لكونه شكّل صدمة بسبب تفاصيل وآليات التنفيذ. تناولت وسائل الإعلام الحدث من زوايا متعدّدة: فريق يرى أن الضربة لم تكن لتتم لولا تفاهمات خلف الكواليس بين تل أبيب وواشنطن وربما الدوحة؛ وآخرون رجّحوا مساهمة دول إقليمية لديها خلافات مع حماس؛ بينما تحدثت تقارير عن علم مسبق من الولايات المتحدة ونفي لاحق.
الاحتمال الأكثر إثارة للقلق هو أن إسرائيل قد نفّذت الضربة باستخدام قدرة إلكترونية/سيبرانية متقدمة سمحت بتعطيل أو تضليل شبكات الدفاع الجوي والرصد في المنطقة، ما مكّن الطائرات المهاجمة من الوصول وإتمام الضربة دون اعتراض. وتشير التحليلات إلى مشاركة تشكيل جوي متكوّن من مؤشرات تُشير إلى مقاتلات من طراز F-35I ترافقها أسراب من الطائرات دون طيار، مع استخدام ذخائر موجهة بالأقمار الصناعية بعيارات دقيقة لتقليل الأضرار الجانبية. كما ذُكر أن بعض الطائرات العاملة قد حُسّنت محلياً لحمل خزانات وقود إضافية للامتداد العملياتي.
في الجهة التقنية، ظهرت في سجلات التاريخ أنظمة برمجية وهجينة تستخدمها قوات غربية وإسرائيلية لعمليات «الاستحواذ» على شبكات الدفاع، ومن أمثلتها ما عُرف ببرنامج Suter، جهاز إلكتروني جوي طورته قطاعات متقدمة وجرّبته قوات التحالف في مسارح سابقة، ويتيح مراقبة ما تراه منظومات رصد العدو، والتدخل في شبكات الاتصالات والتحكم لتضليل أو تعطيلها. ويوصف هذا النوع من الأدوات بأنه يسمح بمراحل عدة: من المراقبة إلى السيطرة ثم التخريب للنظم الحساسة. ويُعتقد أن تسخير تقنيات شبيهة بـSuter ساهم في نجاح ضربات سابقة (مثل غارة دير الزور 2007)، وقد تطوّر منذ ذلك الحين إلى صلاحيات أوسع في الحرب السيبرية والإلكترونية.
لا تُستبعد كذلك مشاركة منصات جوية معدّلة من فئة Gulfstream G550 (المعروفة عالمياً كقاعدة لمنصات استطلاع وإشارات واك-إلإ/CAEW) لحمل أجهزة الاستخبارات الإلكترونية والتشويش، أو لتأمين «حلقة سيبرية» مرافقة لعمليات التشويش والاستحواذ. وتُعد نسخ الـG550 المعدّلة من منصات إسرائيلية معروفة تُستخدم لمهمات الاستخبارات والرصد الإلكتروني.
المحصلة: ما أظهرته هذه العملية، إذا تأكدت تفاصيلها بهذا الشكل، هو مستوى متقدّم جداً من تضافر القدرات الجوية التقليدية مع أدوات الحرب الإلكترونية والسيبرية، ما يضع الدول ومشغّلي نظم الدفاع الجوي أمام تحدٍّ جديد لا يقتصر على تحسين صواريخ و منصّات اعتراض، بل يمتدّ إلى بناء طبقات دفاعية متشابكة ضد الهجمات السيبر-إلكترونية المتزامنة. وإذا ما بلغ هذا المجال مستويات أعلى (مثل التطبيقات المرتبطة بأفكار فيزياء الكم أو أنظمة إشارة أكثر تطوراً)، فستصبح سبل الردّ التقليدية أقلّ فعالية ما لم تصحبها ثورة في قدرات الحرب الإلكترونية المضادة والذكاء السيبراني.
The post الغارة على الدوحة.. ماذا استخدمت إسرائيل لتنفيذها؟ appeared first on Defense Arabia.