باكستان تُكمل بنجاح اختبار صاروخ “فتح-4” الكروز.. تحديث نوعي في ترسانة الضربات التقليدية

دفاع العرب Defense Arabia

أعلنت باكستان عن نجاح تجربة إطلاق لصاروخ الكروز “فتح-4” المطلق من الأرض، والمطور بالكامل محليًا. يُمثل هذا الاختبار، الذي أكدته وسائل الإعلام الرسمية الباكستانية، إنجازاً تقنياً وعسكرياً بارزاً، ويؤكد على جهود إسلام أباد المتواصلة لتوسيع خياراتها الاستراتيجية التقليدية وتعزيز مكانتها في معادلة الأمن الإقليمي.

يأتي هذا الإطلاق في سياق حزمة إصلاحات عسكرية حديثة، أبرزها تأسيس قيادة قوة الصواريخ التابعة للجيش الباكستاني، بهدف تعزيز قدرة البلاد على تنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى بشكل مستقل.

https://whatsapp.com/channel/0029VaAc03R4tRrnH0t4Wa2H/199

تفاصيل الاختبار: “فتح-4” يُظهر دقة استراتيجية بحضور القيادة العليا

أجرى الجيش الباكستاني عملية إطلاق تجريبية ناجحة لصاروخ الكروز “فتح-4″، وهي التجربة التي وصفتها تقارير إخبارية باكستانية، نقلاً عن قناة PTV News، بالناجحة.

شهدت التجربة حضوراً رفيعاً من كبار القادة العسكريين وأعضاء المجتمع العلمي في البلاد، مما يسلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهذا النظام الصاروخي. يتماشى هذا الاختبار بشكل وثيق مع الإصلاحات العسكرية المعلنة، خاصة إنشاء قيادة قوة الصواريخ، لتعزيز إمكانات القوات البرية في تنفيذ ضربات دقيقة وبعيدة المدى.

“فتح-4”: مواصفات صاروخ يتميز بصعوبة رصده واعتراضه

يُصنف “فتح-4” كصاروخ كروز تحت صوتي، ويصل مداه الأقصى إلى حوالي 750 كيلومتراً. يبلغ وزن الصاروخ نحو 1530 كيلوغراماً وطوله 7.5 أمتار. يحمل رأساً حربياً من النوع الانفجاري التفتتي بوزن يقارب 330 كيلوغراماً.

أبرز مواصفاته الفنية تشمل:

سرعة طيران تحت صوتية تقترب من 0.7 ماخ.
ارتفاع طيران منخفض لا يتجاوز 50 متراً بفضل قدرته على تتبع التضاريس، وهي خاصية حاسمة تجعله شديد الصعوبة في الرصد والاعتراض بواسطة شبكات الدفاع الجوي التقليدية.

دقة غير مسبوقة: دائرة خطأ (CEP) لا تتعدى 5 أمتار

يتمتع “فتح-4” بدقة استهداف عالية جداً؛ إذ تشير التقديرات إلى أن دائرة الخطأ المحتمل (CEP) تبلغ حوالي خمسة أمتار فقط. تتحقق هذه الدقة الفائقة من خلال:

نظام ملاحة متكامل يجمع بين (GPS/INS).
حزمة توجيه متقدمة تتضمن باحثاً ثنائي الوضع (بصري وراداري).
تكنولوجيا مطابقة المشاهد التصويرية (Scene-Matching) لتصحيح المسار في المرحلة النهائية.

كما يتضمن التصميم تدابير متطورة مضادة للحرب الإلكترونية ووحدات ذكاء اصطناعي لضمان دقة استهداف الأهداف في البيئات القتالية المعادية أو المشوشة. يتم إطلاق الصاروخ من مركبات ناقلة-منصة إطلاق (TEL)، ويعتمد على الوقود الصلب لضمان الجاهزية التشغيلية السريعة.

المسار التطويري: عائلة “فتح” من القصير إلى الضربة العميقة

يُظهر التاريخ التشغيلي لعائلة صواريخ “فتح” تحولاً استراتيجياً واضحاً، بدءاً من الصواريخ الموجهة قصيرة المدى وصولاً إلى صاروخ كروز موجّه مطلق من الأرض مُخصص للضربات التقليدية العميقة.

بدأت التجارب مع “فتح-1” و “فتح-2” كمنصات اختبار لأنظمة الدفع والتوجيه. تلا ذلك صاروخ “فتح-3″، الذي تميز بمدى أوسع وتحول إلى تعريف صاروخ باليستي قصير المدى (SRBM). أما “فتح-4″، فيمثل تتويجاً للخبرات المتراكمة في تصميم كروزي طويل المدى ومنخفض الرصد.

وتؤكد سلسلة اختبارات الإطلاق والعروض العسكرية منذ عام 2021 على تسارع عملية النضج التقني المحلي واندماج النظام السريع ضمن هيكلية قوة الصواريخ التي أُعلن عن تشكيلها في منتصف عام 2025.

السياق الإقليمي: تكامل استراتيجي ومقارنة بـ “نيربهاي” الهندي

في سياق المنافسة الإقليمية، يمثل “فتح-4” حلقة وصل حيوية بين الصواريخ التكتيكية قصيرة المدى والأنظمة الاستراتيجية. داخل العقيدة الباكستانية، يكمل الصاروخ عائلة صواريخ الكروز من خلال تبني مبدأ الضربات الدقيقة على ارتفاع منخفض، مع بقائه سلاحاً تقليدياً تحت سيطرة الجيش، وليس رادعاً استراتيجياً.

يشابه “فتح-4” في مفهومه صاروخ “نيربهاي” الهندي (صاروخ كروز مطلق من الأرض)، على الرغم من أن تطوير الأخير كان أبطأ ويختلف في المدى المعلن. إذا كانت الادعاءات المتعلقة بقدرات “فتح-4” على تتبع التضاريس، وامتلاكه باحثاً ثنائي الوضع، وتقنية مطابقة المشاهد التصويرية دقيقة، فسيحسن ذلك بشكل كبير من قدرته على اختراق الدفاعات الرادارية وتوفير دقة نهائية متفوقة على الصواريخ الكروزية السابقة في المنطقة. مع ذلك، تبقى هناك حاجة لمزيد من الأدلة التشغيلية المستقلة للتحقق من الادعاءات حول دقة الصاروخ ومقاومته للتشويش.

خلاصة: “فتح-4” يعزز عمق الضربات التقليدية الباكستانية

يُعد اختبار “فتح-4” خطوة نوعية حاسمة في تعزيز القدرات العسكرية التقليدية لباكستان، خاصة في ظل التنافس الإقليمي. إن قدرة الصاروخ على الطيران على ارتفاع منخفض جداً بدقة عالية ومقاومة محتملة للتشويش، تجعله تهديدًا فعالاً لأنظمة الدفاع الجوي الحالية المعتمدة على الرادارات التقليدية.

ومع ذلك، قد يظل اعتماده على تقنيات الملاحة مثل GPS/INS يجعله عرضة للتدخلات الإلكترونية المتقدمة، إذا طورت الدول المجاورة قدرات تشويش متقدمة. يضع المدى المعلن (750 كم) العديد من الأهداف الاستراتيجية ضمن نطاق الصاروخ، مما يمنح باكستان ميزة تنفيذ ضربات عميقة دون الحاجة إلى منصات جوية أو بحرية، وهي قدرة حيوية في السيناريوهات التي قد تكون فيها القوات الجوية مقيدة.

The post باكستان تُكمل بنجاح اختبار صاروخ “فتح-4” الكروز.. تحديث نوعي في ترسانة الضربات التقليدية appeared first on Defense Arabia.