نتائج الإسبوع الأول من الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. إجابات ترسم المرحلة المقبلة

0

دفاع العرب Defense Arabia

العقيد الركن م. ظافر مراد

تُطرح اسئلة عديدة في نهاية الإسبوع الأول من الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وفي الوقت الذي يرى فيه الكثيرون أن العملية الديبلوماسية والوقائع الميدانية بنتيجة إسبوع من المواجهات، تجعل المشهد العام غامضاً والتوقعات غير واضحة ومتأرجحة، نشير إلى أن الإجابة على بعض الاسئلة قد توضِّح الكثير من التفاصيل والنقاط الهامة التي من خلالها يمكن أن نتوقع ماذا سيحدث في الأيام القادمة، مع الإشارة إلى أن هذه الإجابات تستند على علم عسكري ومعرفة عميقة لطبيعة الصراع، وكيفية إدارة الحملات العسكرية الكبرى، والروابط الاساسية بين المستويين السياسي والعسكري، والعلاقة بين الولايات المتحدة ودولة إسرائيل، ونبدأ بالسؤال الأول والابرز:

  1. هل ستتدخل الولايات المتحدة الأميركية في الحرب على إيران؟

الولايات المتحدة منخرطة حالياً في الحرب على إيران من خلال تقديم الدعم الإستخباراتي واللوجستي الكبير، والسؤال الذي يجب أن يُطرح هو إلى أي مدى سترفع الولايات المتحدة من مستوى هذا التدخل؟ والإجابة هي أن مستوى التدخل سيتوقف على النتائج الميدانية ومدى حراجة الوضع العسكري عند إسرائيل وقدرتها على تحقيق أهدافها النهائية، وهي بالطبع غير قادرة على ذلك، وبالتالي فإن التوقعات تشير إلى حتمية التدخل العسكري الأميركي والذي هو جزء من الحملة الكبرى المخطط لها سابقاً، والتي لم تبدأ لتنتهي في منتصف الطريق، بل لتستكمل كافة مراحلها وصولاً إلى إنهاء الخطر العسكري والايديولوجي الإيراني على إسرائيل وعلى المصالح الاميركية.

  • هل يبدو أن إنهاء البرنامج النووي الإيراني سيوقف الحرب، وأن قبول إيران بوقف هذا البرنامج سيحقق أهداف إسرائيل؟

الجواب كلا، إن الفهم العميق لطبيعة الصراع بين إيران وحلفائها في المنطقة من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، يعرف تماماً أن السلاح النووي في يد إيران هو جزء من القدرات، ولكن ليس هو التهديد بحد ذاته، مع الإشارة أن برنامج الصواريخ هو أكثر خطورة بكثير، لان تصدير القدرات الصاروخية واستخدامها من قبل حلفاء إيران في المنطقة سهل جداً وحدث ويحدث دائماً، بينما القنبلة النووية ولو إمتلكتها إيران، فهي عملياً غير قادرة على أستخدامها، وما يتم الحديث عنه حالياً في إستهداف البرنامج النووي الإيراني يقع في إطار “عدالة القضية” التي تعمل عليها إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، وأعتقد أن الهدف الحقيقي من هذه الحرب هو إنهاء النظام في إيران، أو إيقاعه في فوضى داخلية رهيبة تؤدي إلى سقوطه لاحقاً.

  • كيف يتم قراءة الوضع الميداني الحالي؟

يبدو واضحاً أن إيران بدأت مرحلة حرب الإستنزاف ضد إسرائيل من خلال الإقتصاد في إستخدام الصواريخ، مراهنة بذلك على الوقت لصالح العملية الديبلوماسية، ولصالح ضغط روسي صيني، وربما أوروبي وخليجي لإنهاء هذه الحرب بأقل تداعيات ممكنة، لا سيما بعد الحديث عن مخاطر تسرب إشعاعات نووية، أما بالنسبة لإسرائيل، فهناك مبالغة في عدم قدرتها على الإستمرار في الحرب لوقتٍ طويل بنتيجة الخسائر الإقتصادية والكلفة الكبيرة التي تتكبدها، فالكلفة الحالية والمتوقعة لاحقاً تم درسها وإدراجها في نتائج الخطة الاساسية للحملة، وهي لا تؤثر فعلياً على الإقتصاد الإسرائيلي القوي والمدعوم، أما بالنسبة للواقع العسكري، فهي مرتاحة وليس هناك أي مشكلة من الناحية العملياتية لجهة القدرات القتالية واللوجستية والبشرية، وبالنسبة لصواريخ الدفاع الجوي فهي لديها ما يكفي والولايات المتحدة بصدد تقديم كل الدعم العاجل والمطلوب لها.

  • لماذا حذَّر الجانب الروسي من مغبة إستخدام ضربات نووية تكتية على إيران برأيك، وهل هناك مؤشرات تشير إلى القرار بهذا الإستخدام؟     

لقد تم تسريب خبر بأن إستخدام قنبلة نووية تكتية محدودة التأثير على منشأة فوردو هو أحد الخيارات التي يمكن أن تلجأ إليها إسرائيل كحل وحيد لديها لتدمير هذه المنشأة، فالكل يعلم أن إسرائيل تمتلك سلاح نووي، وبمعظمه هو من نوع القنابل التكتية التي تناسب وضعها الجغرافي القريب من خصومها، كون القنابل النووية الإستراتيجية الكبيرة ستؤثر على أراضيها ايضاً في حال إستخدامها في مسرح صراعها مع دول المنطقة، وربما يأتي تسريب هذا الخيار ليقبل الرأي العام الدولي، والرأي العام الأميركي تدخل واشنطن بقنابل GBU-57، كحل مناسب وبديل عن كارثة إستخدام أسلحة نووية، وربما أثار الجانب الروسي هذه النقطة ايضاً ليضع على الطاولة خيار إستخدامه لقنابل نووية تكتية ضد أوكرانيا في ظروف معينة لا يقبل بها، مثل إرسال قوات أوروبية للمشاركة في الحرب هناك.

  • لماذا لم تتدخل روسيا والصين كحلفاء لإيران في هذه الحرب؟

تم منذ فترة تقديم مساعدات عسكرية وتقنية لإيران على ضوء تزايد إحتمالات الحرب مع إسرائيل، ولكن هذه المساعدات محدودة ولا تكفي، كما أن طبيعة التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل تختلف تماماً عن طبيعة تحالف روسيا والصين مع إيران، فهناك عمق تاريخي مصلحي متجذِّر في التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتم تعزيزه في الآونة الأخيرة بعد ضم إسرائيل في العام 2020 لقيادة المنطقة الأميركية الوسطى USCENTCOM، بعد أن كانت ضمن المنطقة الأوروبية USEUCOM، وكان هذا مؤشراً واضحاً على أن شيئاً ما سيحدث في المنطقة، أما بالنسبة للتحالف الروسي-الإيراني، فلا يوجد في وثيقته بند يتضمن التدخل العسكري لصالح إيران في حال الحرب، وهنا يجب أن نشير إلى نقطة هامة، فربما تستفيد روسيا من التدخل الأميركي في إيران لتبرر مزيد من الهجمات والضم للأراضي الأوكرانية. وبالنسبة للصين، فعلاقتها مع إيران هي علاقة تشمل نواحي إقتصادية وليست أمنية، وهي في الاساس تهدف لتأمين موارد الطاقة للصين، ولتكون إيران شريك في مبادرة الحزام والطريق.

  • هل يستحق التدخل الأميركي في الحرب كل التهديدات والتحديات والمخاطر التي قد تترب عنه؟

هناك أهداف معلنة وأهداف غير معلنة، الأهداف المعلنة تتمثل بدعم إسرائيل ووقف برنامج إيران النووي، وهذا يساعد في حماية المصالح الاميركية، أما الأهداف غير المعلنة فهي أن سقوط النظام الإيراني، أو إغراقه بالفوضى، من شأنه أن يخفِّض قدرات وفعالية حلفاء روسيا والصين، وهذه مصلحة أميركية رئيسية، لا سيما في ظروف الحرب الروسية-الاوكرانية، وفي ظل التنافس الإقتصادي الكبير بين أميركا والصين، حيث تشكِّل إيران مصدر أساسي للطاقة التي تستوردها الصين، وهي أيضاً شريك اساسي ومفصل هام في مشروع طريق الحرير الجديد، وبالتالي فإن تحقيق اهداف هذه الحرب سيؤمن فرص ممتازة لواشنطن على المدى البعيد، وسيغير الواقع الجيوبوليتيكي في المنطقة بدرجةٍ كبيرة.

  • كلمة أخيرة في شأن الحرب ماذا يمكن القول؟

تريدها إسرائيل الحرب الاخيرة، وهي تعلم أن مراحلها ستستمر لوقتٍ طويل، وتعرف تماماً أن كل الغرب يدعمها وإن اي تراجع أو أي هزيمة سواء كانت ظرفية أو جزئية أو نهائية، ستؤثر بشكلٍ حاسم على بقائها في المنطقة، لذلك هي حرب مصيرية، ليس فقط لإسرائيل، بل ربما ايضاً للنظام الإيراني، في المقابل، هناك مخاطر جدية من توسع الصراع ولجوء إيران لخيارات عنيفة تدفع بها لأقصى الحدود، مثل إشعال منطقة الخليج العربي ومضيق هرمز، ودفع حلفائها في المنطقة للقيام بالتصعيد واعتماد خيارات إنتحارية.

The post نتائج الإسبوع الأول من الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. إجابات ترسم المرحلة المقبلة appeared first on Defense Arabia.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top