جعل الذكاء الاصطناعي واقعًا عملياتياً في مجال الدفاع

0

دفاع العرب Defense Arabia

ديفيد هينستوك، كبير علماء البيانات في شركة بي أيه إي سيستمز للتحول الرقمي

لطالما كان دور الذكاء الاصطناعي في قطاع الدفاع موضوعًا مثيرًا للاهتمام حيث تتمتع هذه التقنية بإمكانيات هائلة، إلا أن تفعيلها عملياتياً يواجه بعض التحديات الكبيرة.

أثناء وجودي في شركة بي أيه إي سيستمز للاستخبارات الرقمية، كنت محظوظًا بما يكفي لمشاهدة هذا النقاش من وجهة نظر المورد والعميل، وكان من الرائع أن أرى كيف نضجت هذه التكنولوجيا على مر السنين.

فبفضل زيادة القدرة الحاسوبية والنماذج الحاسوبية الأكثر تطورًا، وصلنا الآن إلى مرحلة يقترب فيها الذكاء الاصطناعي من القدرة على تمثيل عملية صنع القرار البشري بدقة. وهذا يُمثل فرصةً هائلةً لقطاع الدفاع إذا ما تم تبني الذكاء الاصطناعي بمسؤولية – لخدمة التطبيقات المناسبة وفي ظل الحوكمة المناسبة.

ولكن، أعتقد أننا لا نزال نواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بإدخال الذكاء الاصطناعي إلى الخدمة التشغيلية، أي “تفعيله”. دعونا نلقي نظرة فاحصة.

الذكاء الاصطناعي في قطاع الدفاع

يُحاكي الذكاء الاصطناعي كيفية اتخاذنا للقرارات، وهذا يعني أنه قادر على دعم النشاط البشري وتعزيزه، وتقليل عبء تحليل المعلومات على المستخدمين العسكريين، وربما استبدال عملية اتخاذ القرار البشري كليًا. وتشمل التطبيقات المحتملة: دعم عملية صنع واتخاذ القرار في سيناريوهات الصراع أو الأزمات؛ والتعرف التلقائي على الأشياء مثل الصور أو مقاطع الفيديو لدعم التحليل؛ وتحليل الكم الهائل من بيانات قطاع الدفاع؛ واكتشاف الأعطال والفشل الوشيك للمعدات؛ وأتمتة استجابة الأسلحة الدفاعية. 

لذا فقد استثمر قطاعا الدفاع والصناعة بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي على مر السنين. فهناك برامج علمية وتكنولوجية متطورة، ونماذج ذكاء اصطناعي جديدة قيد التطوير قادرة على إحداث نقلة نوعية في مجال الدفاع. ومع ذلك، فإن العديد منها حاليًا ما زال في مراحل النماذج الأولية التجريبية، حيث يتم اختبارها في المختبرات في سيناريوهات محدودة أو ببيانات محدودة.

الخطوة التالية لقطاع الدفاع هي المضي قدمًا في كيفية تفعيل تلك النماذج. ويعني تفعيل الذكاء الاصطناعي جعله يعمل بفعالية لمستخدمي قطاع الدفاع، بطريقة متأصلة في كيفية ومكان عملهم، وبطريقة تدعم أهدافهم.

ولكن، توجد حاليًا فجوة استغلالية: كيف ننتقل من مفاهيم البحث والتطوير إلى قدرات تشغيلية يستخدمها ويثق بها مستخدمو الدفاع. فحتى عندما نمتلك حلًا تقنيًا ممتازًا، نحتاج إلى جعله قويًا بما يكفي لإدارة نطاق وتعقيدات السيناريوهات التشغيلية، وإيصاله إلى منصات المستخدمين بطريقة موثوقة ومضمونة ومسؤولة. ولا يوجد سوى عدد قليل نسبيًا من الأمثلة التي تمكنت حتى الآن من تحقيق ذلك.

هناك أيضًا فجوة في التوقعات: فهناك افتراض أن التشغيل العملياتي سهل وأنه مجرد خطوة تقنية أخيرة ضرورية. للأسف، هذا غير صحيح. فالتشغيل يستغرق وقتًا – غالبًا أكثر من عمليات البحث والتطوير – ويتعلق بالعملية وتبني المستخدم بقدر ما يتعلق بالأنشطة التقنية.

التحديات الرئيسية لتشغيل الذكاء الاصطناعي

هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها لاستخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في قطاع الدفاع. أولها يتعلق بالبيانات حيث يتطلب بناء نماذج الذكاء الاصطناعي بنجاح كميات هائلة من البيانات، إذ تتعلم هذه النماذج كيفية اتخاذنا للقرارات من خلال بيانات تاريخية مُعَلَّمة. وهذا يتطلب القدرة على جمع البيانات الصحيحة وإتاحتها للأشخاص المناسبين.

وتُحرز وزارة الدفاع تقدمًا ملحوظًا في معالجة هذه المسألة بشكل استراتيجي من خلال وظيفة كبير مسؤولي البيانات. كما أن للقطاع الصناعي دورٌ في تعزيز توافر البيانات وتبادلها بالاتجاهين. وينبغي على موردي الدفاع إيجاد سبل لمشاركة البيانات مع وزارة الدفاع، وينبغي على الوزارة منح الشركات الصغيرة والمتوسطة إمكانية الوصول إلى بيانات تمثيلية لمساعدتها على بناء حلول ذكاء اصطناعي قابلة للنشر.

هناك تحدٍّ آخر يتعلق بالجوانب العملية لنشر الذكاء الاصطناعي في الأنظمة التشغيلية حيث تتطلب بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي النشر خارج منصات تكنولوجيا المعلومات المركزية – على سبيل المثال في طائرة أو دبابة أو سفينة. ويتعلق هذا جزئيًا بتحدٍّ في مجال التكامل التقني يمكن لموردي الدفاع المساعدة في حله. كما أنه تحدٍّ برمجي – فنحن بحاجة إلى إيجاد طريقة مرنة وفعالة لتغيير نماذج الذكاء الاصطناعي داخل المنصات الحيوية وطويلة الأمد. ولكن، قد يكون التحدي التشغيلي الأكبر هو الثقة. فإذا لم يثق قطاع الدفاع بنماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة به على أنها آمنة ودقيقة وموثوقة، فلن تُستخدم. ويعتمد قبول المستخدمين للذكاء الاصطناعي على مدى أدائه الجيد، ومدى ملاءمته لطرق عملهم، وما إذا كان شفافًا. وهناك عنصر تغيير ثقافي كبير مطلوب هنا، مما يضع العبء على تدريب المستخدم والتصميم الفعال لكيفية عمل البشر وأجهزة الكمبيوتر معًا لاتخاذ القرارات.

يجب علينا أيضًا وضع حواجز أمان لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومسؤول ومتوافق مع سياسات الدفاع. ويجب أن يستند ذلك إلى عملية ضمان لتقييم أداء الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الاستخدام التشغيلي – لن نستخدم أي حل ذكاء اصطناعي إلا إذا اجتاز هذه العملية – والإطار الأخلاقي لضمان الاستخدام المتناسب للتكنولوجيا. وتمثل هذه الأطر مجالًا آخر سيستفيد من التعاون مع قطاع الصناعة.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجال الدفاع؟

في نهاية المطاف، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم الكثير لقطاع الدفاع من حيث القدرات، ومواجهة الخصوم المحتملين، ودفع عجلة التغيير الثقافي والتكنولوجي. وفي ظل المشهد التكنولوجي الحالي، تتاح لقطاع الدفاع فرصة للاستثمار في منظومة المملكة المتحدة لدفع عجلة تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي وتفعيلها، بما في ذلك قدرات الذكاء الاصطناعي السيادية أينما كانت هناك حاجة لها.

وأعتقد أن العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي ستنشأ من خلال عمل الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ فهي في طليعة التغيير التكنولوجي. وسيقدم موردو قطاع الدفاع الرئيسيون حلولاً مبتكرة للذكاء الاصطناعي أيضًا، بالطبع، ولكن لديهم المزيد ليقدموه في مجال التكامل، والنهج الأمثل لتشغيل الذكاء الاصطناعي: إدارة البيانات، وثقة المستخدم، والضمان، وإدخال التكنولوجيا في البرامج والمنصات.

ربما لا تزال هناك تحديات يجب التغلب عليها، ولكن ممّا لا شك فيه أن مستقبل الدفاع يبدو مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي بشكل متزايد.

The post جعل الذكاء الاصطناعي واقعًا عملياتياً في مجال الدفاع appeared first on Defense Arabia.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !
To Top